محمد بن حميد الطوسي

ومنهم: محمد بن حميد الطوسي، لله دره!

عمره تقريباً اثنان أو ثلاث وثلاثون سنة، أعطاه المعتصم قيادة الجيوش الموحدة الإسلامية، وكان له إمام حنفي يقوده وقاض، والعلماء معه يقاتلون الروم، فلما حضرت المعركة خرج محمد بن حميد فلبس الأكفان عليه، فلما لبس الأكفان أخذ يقاتل من صلاة الفجر إلى صلاة الظهر، ومن الظهر حتى صلاة المغرب، ثم قتل قبل الغروب، فلما قتل بدأت النوائح، وهذا أمر مخالف للإسلام، ولكن كانت النائحات في بغداد يبكين عليه؛ لأنه كان رجلاً يفدى بالعيون والقلوب، فقام أبو تمام فألقى قصيدة يعزي فيها المعتصم، وقد انتصر جيش محمد بن حميد والحمد لله، حتى يقول الذهبي: "الحمد لله" ويقول ابن كثير: "ولله المنة، أن الله نصر الموحدين بمثل هذا البطل بعد نصر الله ".

يقول أبو تمام:

كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر فليس لعين لم يفض ماؤها عذر

توفيت الآمال بعد محمد وأصبح في شغل عن السفر السفر

فتى كلما فاضت عيون قبيلة دماً ضحكت عنه الأحاديث والذكر

تردى ثياب الموت حمراً فما دجى لها الليل إلا وهي من سندس خضر

يقول: لبس أكفانه تقطر بالدم، وفي الليل ألبسه الله سندساً أخضر في الجنة، ثم يقول:

ثوى طاهر الأدران لم تبق بقعة غداة ثوى إلا اشتهت أنها قبر

عليك سلام الله وقفاً فإنني رأيت الكريم الحر ليس له عمر

فسمع المعتصم القصيدة ودموعه تهراق، فقال: يا ليتني أنا المقتول وقيلت فيّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015