عمر بن الخطاب

عمر بن الخطاب الخليفة الصادق صاحب الجبة المرقعة، الذي يأكل خبز الشعير في الزيت، والذي يموت خوفاً منه كسرى وقيصر:

يا من يرى عمراً تكسوه بردته والزيت أدم له والكوخ مأواه

يهتز كسرى على كرسيه فرقاً من خوفه وملوك الروم تخشاه

يصعد المنبر يوم الجمعة، وعليه جبة عليها أربع عشرة رقعة، ويقول لبطنه وأحشائه عندما تقرقر جوعاً: [[قرقري أو لا تقرقري، والله لا تشبعي حتى يشبع أطفال المسلمين]].

ذكر ابن كثير في تاريخه بسند جيد عن أسلم مولى عمر قال: قال لي عمر في ظلام الليل

وعمر لا ينام، تقول له امرأته: يا أمير المؤمنين لا تنام في النهار ولا تنام في الليل، قال: [[لو نمت الليل لضيعت نفسي، ولو نمت النهار لضاعت رعيتي]] يخرج في الليل والناس نيام يجوب الشوارع، يسأل عن الأمن، يطرق البيوت، يدافع الإجرام، يفضح المجرمين، يسري كالبدر، معه درة في يده، يخرج بها وساوس الشياطين من بعض الرءوس.

قال أسلم وهو مولى: فقال لي عمر انطلق معي هذه الليلة.

ليلة من ليالي أهل الجنة، قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: {عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله}:

نامت الأعين إلا مقلة تذرف الدمع وترعى مضجعك

قال: فانطلقت معه، فأتينا إلى خيمة بها امرأة في الولادة وهي تبكي، فأخذ عمر يشاركها البكاء -لله دره، قلب وعى القرآن وعرف الإيمان- فقال أسلم: مالك يا أمير المؤمنين تبكي؟

قال: يا أسلم ما تدري ماذا تجد من ألم الولادة وألم النفاس، ثم انطلق إلى بيت المال، وأتى بجراب من شحم ومن دقيق ومن تمر وحمله على كتفه.

فقال أسلم: أنا أحمل عنك هذا يا أمير المؤمنين! قال: إنك لا تحمل خطاياي يوم القيامة، وذهب فدخل البيت، واستأذن على المرأة، فتحجبت وقام يشعل النار، والدخان يتخلل لحيته الكثة التي نصرت لا إله إلا الله في الأرض، فصنع الطعام وقدمه للمرأة فقالت: والله إنك خير من عمر بن الخطاب، وهو عمر بشحمه ولحمه ودمه، وإرادته وصدقه وعزيمته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015