ربعي في موقف العزة

دخل ربعي بن عامر، وهو شاب في سنٍ كأسنانكم، وثيابه ممزقة، ورمحه مثلم، وفرسه هزيل، دخل على رستم الكافر العاتي الفاجر، في معركة القادسية، قبل أن تبدأ المعركة، مع رستم ثلاثمائة ألف، ومع ربعي وهو مع سعد بن أبي وقاص في جيشه ثلاثون ألفاً، فلما دخل ربعي على رستم ضحك رستم وضحك وزراؤه، وقال رستم: جئتم تفتحون الدنيا بهذا الفرس المعقور، وهذا الرمح المثلم، وهذه الثياب الممزقة؟ فضحك ربعي ضحكة المنتصر الذي يعتز بدينه، والذي خرج من وطنه يرفع اسم الله - عز وجل - قال: [[نعم.

جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، ومن جور الأديان، إلى عدل الإسلام]] وبعد ثلاثة أيام أتت هذه الخيول الهزيلة، والرماح المثلمة، والثياب الممزقة، فدكت - بإذن الله - إمبراطورية كسرى، وسوتها بالأرض، فأصبحت قاعاً صفصفاً، لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً.

ودخل سعد فلما رأى قصر كسرى، قصر العمالة، قصر الضلالة، قصر البغي والعدوان والجهالة، دمعت عينا سعد دموع الفرح المبتسم المبتهج بنصر الله وقال: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ * فَمَا بَكَتْ عليهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ} [الدخان:25 - 29] وهناك: {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام:45].

إلى حيث ألقت رحلها أم قشعمِِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015