فإن الطريق إذا لم يكن له إمام لا يوصل عادة، والإمام هو الدليل.
فمن هوالدليل؟ من هو الماهر الذي يجيد الخط؟ من هو الذي يعرف أسرار وعلامات هذا الطريق نزله منزلة منزلة، هبطه وادياً وادياً، وعرفه جبلاً جبلاً، وساحة ساحة، وأدركه وفهمه؟! إنه محمد عليه الصلاة والسلام.
ولذلك رشحه الله للإمامة، فيقول في الصلاة: {صلوا كما رأيتموني أصلي} كما في صحيح البخاري، ويقول في المناسك: {خذوا عني مناسككم} ويقول: {من رغب عن سنتي فليس مني} ويقول كما في كتاب الحجة ورواه النووي بسند صحيح، يقول: {لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به}.
إذاً: هذه هي الإمامة.
والله لا يرضى منك يوم القيامة عملاً حتى تتبعه {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ} [الأعراف:157] النبي الأمي فقط، فلا ثَمَّ إمام ولا شيخ إلا هو، ولا أستاذ إلا هو، وإن أتيت من غير طريقه لا يُفْتَح لك الباب يوم القيامة؛ لأن أول مَن يَقْرَع باب الجنة هو محمد صلى الله عليه وسلم، فيُفْتَح له، ثم يذهب ومعه أتباعه.
وأما الذين تخلفوا عن ركبه، وهم: النخبة المثقفة!!
أشياخه صفر الجباه بـ دنفر هنري كسنجر خير مروياته
أما هؤلاء النخبة المثقفة وغيرهم فما اهتدوا صراحةً بهداه عليه الصلاة والسلام؛ لأن لهم أشياخاً من نوع آخر، فلذلك يراهم صلى الله عليه وسلم يوم القيامة فيرى أن السنة ليست عليهم، يقولون: يا رسول الله! نحن أتباعُك.
فيقول: لا، لستم بأتباعي؛ لأن أتباعه لهم علامات، صاحب الخيل البلق يعرف خيله البلق، وصاحب الدُّهم يعرف الدُّهم، حتى البدوي الأعرابي إذا ضلت ناقته في الصحراء، يصفها بلونها، ووبرها، وطولها، وسمتها.
فالرسول صلى الله عليه وسلم يعرف أمته {إن أمتي يُدعون يوم القيامة غُرَّاً مُحَجَّلِين من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يُطيل غُرَّتَه فليفعل} فهو يعرفهم صلى الله عليه وسلم.
أما أولئك فيقول لهم: {سحقاً سحقاً} فنسأل الله أن يهدينا وضال المسلمين.