الأمر الثاني: الديون المضنية من البنك العقاري والزراعي.
وقد تورط كثير من الناس في هذه، فعليهم ديون كثيرة، وأنا أحس بهذا من خلال الأسئلة والكتابات والرسائل التي وصلتني، وهذا الأمر لا يكتشف إلا إذا مات الميت فيأتي أبناؤه فيقولون: على أبينا مائة وخمسون ألفاً أو مائتا ألف، أو نحو ذلك للبنك, ونحن لم نستطع سدادها ولم يترك شيئاً فماذا نفعل؟ وكثير من الناس يحتاج إلى هذا في مثل مساعدة في زواج أو في ترميم بيت أو في زراعة, فما حصل محصولاً وما أنتج منتوجاً غطى دخله فأصبح في ورطة.
وأنا أرجو من ولاة الأمر باسمكم جميعاً أن يخفضوا على هؤلاء الفقراء والمساكين والمستضعفين، وأن يسامحوهم ويعفوا عنهم, وهذا -إن شاء الله- لا يضر, وهو في ميزان حسناتهم, وسيكسبون الدعاء من المسلمين والتسديد من الله والهداية.
وما الذي يمنع من أن يعفى الناس عفواً تاماً من مقتضيات البنك العقاري والزراعي؟ وهذا الأمر يكسب الدعاء والحب والرجاء لهم من الله بالتمكين السداد والرعاية والحفظ وهو أحسن ما يكون.
وقد فعل بعض الخلفاء ذلك؛ فإنه ذكر أن هارون الرشيد كان في يوم عيد الفطر يرسل نفقات للناس ما يكفيهم سنة، وكان عمر بن عبد العزيز يوزع الذهب والفضة في المساجد, حتى يقول عمر بن سعيد أحد وزرائه: والله الذي لا إله إلا هو لقد درت من دمشق إلى أفريقيا فما وجدت فقيراً أعطيه الزكاة.
لقد أعطاهم وأغناهم عمر بن عبد العزيز، كان يقوم على المنبر ويقول: "يا أيها الناس! من وجد منكم فقيراً فليرفع إلي أمره، أو مسكيناً أو مديوناً" فمثل هذا لو عفي لا يضر أبداً, لأنهم لا يستطيعون أن يجدوا دخلاً يغطي مائتي ألف أو مائة ألف أمام مقتضيات العصر.