كتب الشيخ وصيته قبل أن يموت بأيام، فأوصى أبناءه بالتوحيد، وأن يكونوا مسلمين، وأوصاهم بوصية يعقوب التي أوصى بها أبناءه، أوصاهم بطلب العلم النافع، وبالجهاد في سبيل الله , أوصاهم بصيام النهار، وقيام الليل، وصلة الأرحام، أوصاهم بكثرة تلاوة القرآن.
وأنا أعرف هذا الرجل عليه شآبيب الرضوان، كان من أكثر الناس قراءةً للقرآن، يقرأ القرآن قائماً وجالساً وعلى جنبه رأيته في بلاد الكفر وهو يتحدث عن عظمة الإسلام، وقوة الإسلام، ودموعه تسيل من لحيته الطويلة ويختم كلامه ويقول: أسأل الله أن يرزقني الشهادة في سبيله، يدخل القاعة في بلاد الكفر في أمريكا أمامه خمسة آلاف من شباب المسلمين، فتدوي القاعة بالتكبير، فلا يرد عليهم إلا بالسلام ودموعه تذرف، لأنه يتحرى مجد الإسلام، وعظمة الإسلام، وكرامة الإسلام.
نحن الذين إذا دعوا لصلاتهم والحرب تسقي الأرض جاماً أحمرا
جعلوا الوجوه إلى الحجاز فكبروا في مسمع الروح الأمين فكبرا
رحمه الله وجمعنا به في مستقر الرحمة، في مقعد صدق عند مليك مقتدر، فأخلصوا له ولإخوانه الدعاء، والهجوا إلى الله أن ينصر هذه الأمة وأن يرزقنا الشهادة في سبيله، وألا يجعلنا نموت حبطاً من كثرة المأكولات والمطعومات، وألا يجعلنا ضحايا للمعاصي والفجور والبعد عن الله.
عجباً للمعرضين عن الله! يتزلق أحدهم من على المسرح، فيقولون: شهيد، يغص بكأس الخمر، فيقولون: شهيد، تصيبه تخمة من كثرة ما أكل من الربا فيقولون: شهيد!! لا، الشهداء أحباب الله.
{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمْ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة:111].
أيا رب لا تجعل وفاتي إن أتت على شرجع يعلى بخضر المطارف
ولكن شهيداً ثاوياً في عصابةٍ يصابون في فج من الأرض خائف
إذا فارقوا دنياهم فارقوا الأذى وساروا إلى موعود ما في المصاحف
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو التواب الرحيم.