أولها: تقوى الله عز وجل، ولا أجد والله في هذه المناسبة إلا أن أقول: لا حافظَ إلا الله، ولا أجد كلاماً إلا أن أقول: اتقين الله عز وجل، اتقين الله في هذا العصر، وفي هذه الفتنة المدلهمة {يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرضٍ من الدنيا}.
يمر العبد، وتمر الأمة في آخر الزمن، على القبر فتتمنى أنها في مكان المدفون، تتطور الأمور حتى يأتي عهد لا يقال في الأرض: لا إله إلا الله، تعطل الشريعة، فلا مسجد، ولا مصحف، ولا تحكيم لشرع الله، ولا قرآن، ولا حجاب، ولا شيء، وتصبح المجتمعات باهتة، إلا فئة يحميهم ربهم سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، هي الطائفة المنصورة الذين يريدون منهج الله، ويحافظون على دين الله، ويريدون شرع الله، وتقوى الله عز وجل بامتثال أمره واجتناب نهيه.
والمرأة يوم تتقي الله لا تأتينا بالمناظر الباهتة المخزية المخيفة المرعبة، لا تأتينا وتأخذ السائق معها من بيتها، وتنزل إلى السوق، فلا ترجع إلا الساعة الثانية عشرة ليلاً، تمر على بائع الذهب، وعلى بائع الفيديو، وبائع الشريط المسجل، وعلى الخياط، وعلى كل مجرم، وتتصل بفلان وعلان.
أي إيمان هذا؟ أين {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5]؟! أين: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة:6]؟! أين الحياة الآخرة؟! أين ذكر القبر وضمته؟!
أين تلك الجلسة المخيفة مع الحساب المخيف؟! يوم تجلس المرأة وحدها في قبرها، ويسألها المحاسب عن ربها، وعن دينها، وعن رسولها صلى الله عليه وسلم؟ يسألها عن حياتها، وعن لياليها، وعن أيامها، وساعاتها؟.
والله لو عاش الفتى في عمره ألفاً من الأعوام مالك أمره
متلذذاً فيها بكل لذيذةٍ متنعماً فيها بنعمة عصره
ما كان ذلك كله في أن يفي بمبيت أول ليلةٍ في قبره
وكان بعض الصالحين إذا ذكر أول ليلة في القبر أغمي عليه؛ وهي ليلة مرعبة، تكون المرأة مع أهلها، ومع زوجها، ومع أطفالها، متجملة متطيبة ناعمة ساكنة، فيبغتها الموت، فتنقل إلى أول ليلة في القبر، إلى مكان لا أنيس فيه، ولا حبيب ولا صاحب، ثم يظهر -والعياذ بالله- لبعضهن أنها خانت زوجها وربها، وخانت أسرتها وأمتها، وخانت كتاب ربها وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فيا للعار، ويا للدمار، ويا للخسار، ويا للنهاية المؤلمة الأسيفة: {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} [البقرة:281] {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمْ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ} [الأنعام:62].
والموت فاذكره وما وراءه فما منه لأحدٍ براءه
وإنه للفيصل الذي به ينكشف الحال فلا يشتبه
إن يك خيراً فالذي من بعده أفضل عند ربنا لعبده
وإن يكن شراً فما بعد أشدّ ويلٌ لعبدٍ عن سبيل الله صدّ
هذه قضية كبرى أدعها أمامكن، لعل المرأة أن تتأمل، ولعلها أن تفكر طويلاً، يقول سبحانه: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمْ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُمْ مَا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} [الأنعام:94].
ولو أنا إذا متنا تركنا لكان الموت راحة كل حيّ
ولكنا إذا متنا بعثنا ويسألُ ربنا عن كل شي
فارتقبن ذاك اليوم، وذاك الحساب، وذاك الموقف، وما بعد الموت أشد منه، لمن لم يعرف منهج الله عز وجل، ولم يتقِ الله، ولتتأمل المسلمة يوم تقف يوم العرض الأكبر أمام الناظرين، فإن فضحت نفسها واشتهرت بالجرم، فضحت أمام الناس، وأمام عرضها، وأمام بيتها، وأهلها وقبيلتها، فمعاذ الله: {إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [يوسف:23].