قال ابن القيم: ومن الجود: الجود بالعلم وهو من أشرف الجود!
فيا دعاة الإسلام! يا طلبة العلم! يا حملة الدكتوراة والماجستير! يا من تفنن في أساليب التفنن العلمية والتخصصات الشرعية! الأمة ماتت جهلاً وشركاً وتخلفاً وعامية، فمن ينقذها بعد الله إلا أنتم! {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} [آل عمران:187] اشتروا به مناصب ووظائف وتكدسوا في بيوتهم، وتركوا الأمة غارقة في الجهل وفي الخرافة والشرك، فبئس ما يشترون! والله لساعة من التعليم واحدة خير من مناصب الدنيا ومن وظائفها وأموالها.
هو العضب المهند ليس ينبو تصيب به مضارب من أردتا
وكنز لا تخاف عليه لصاً خفيف الحمل يوجد حيث كنتا
يزيد بكثرة الإنفاق منه وينقص إن به كفاً شددتا
والله يقول: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة:159 - 160].
كم من القضاة في بلادنا! كم من الأساتذة! كم من العلماء! كم من الدعاة؟ ألوف مؤلفة! ومع ذلك القرى جاهلة، والبوادي تعيش الخرافات، وكثير من الناس لا يعرفون أحكام دينهم ولا أمور شرعهم، وحولهم الماء لكن بخل أهل الماء بالماء، وفي الركاز الخمس، أرأيت البخيل إذا بخل بماله، كيف يكون ممقوتاً مذموماً مسبوباً مشتوماً من الناس! والله إن من بخل بقال الله وقال رسوله أكثر ذماً ومقتاً وبخلاً منه!
وانظر إلى أهل الباطل، كيف بذلوا علمهم الباطل وعلمهم المتخلف، ولعنتهم بذلوها ووزعوها، كتبوا وتكلموا وحاضروا وأنتجوا وطبلوا وزمروا وغنوا ورقصوا، لكن أهل الحق في خجل أن يرفعوا حقهم ويوزعوه.