أسباب انتشار الشهوات والانخراط فيها

أ/ عدم الاهتمام بالعلم الشرعي.

وهذه الحرب -حرب الشهوات- وتغرير شباب الإسلام بها أتت من أمور:

في بعض المدارس يدرسون الطالب (طه والطبلة): كان لـ (طه) طبلة يضرب عليها، فخرجت البطة من الطبلة، فقال طه: أين كنتِ؟! ولذلك يخرج الواحد من الثانوية وهو لا يعرف قراءة الفاتحة، ووالله لقد قُوبِل مع طالب تخرج من الثانوية يريد كلية الشريعة، وإذا به لا يحفظ سورة المسد! لماذا؟! لأنه كان يدرس هذه الأمور: (طه والطبلة) درس وخاب، وأكل وشرب ونام.

وهذا ناتج عن عدم تأسيس شبابنا على العلم الشرعي، ولو ربيناهم على (قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم) وقال البخاري: وقال مسلم: فإن هذا هو العمل الأصيل.

العلم قال الله قال رسوله قال الصحابة هم أولو العرفانِ

ما العلم رسمك للخلاف سفاهةً بين الرسول وبين رأي فلانِِ

كان الصحابة يُنشئون جيلهم على العلم الشرعي، وكانت حلقاتهم (قال الله وقال رسوله) وفيها التفسير والفقه والحديث، أما الآن فقد أصبحت عدد حصص القرآن في الأسبوع حصة واحدة، وسمعنا أن مدرساً كان يدرس في الابتدائية، دخل على الطلاب، وهو لا يعرف القراءة في المصحف، وهو من عِداد المعلمين، فقال للطلاب: ما هي الحصة؟ قالوا: قرآن، قال: ما يحتاج، نخرج تمارين رياضية.

ما يحتاج يا مجرم؟! ما يحتاج قرآن؟! مَن أنت ومَن أُمَّتُك إلا بالقرآن؟! ما هي الرسالة التي أتى بها محمد صلى الله عليه وسلم إلا القرآن والسنة؟!

بينما داعية آخر عظم الله أجره، وهو مشهور، وله بعض المؤلفات، أُدخل في مدرسة، وكان يحمل دعوة، ويحمل رسالة، وكان مدير المدرسة يشن حرباً على الدعوة، فقال المدير للأستاذ: أنت حصتك رسم، مادة فنية.

يريد أن يحجزه عن الطلاب، لا يريد أن يعطيه فقهاً ولا عقيدةً ولا تفسيراً ليدخل إلى القلوب، قال: مادة فنية؟ قال: نعم.

قال: حسناً، فدخل الفصل فقال للطلاب: ما هي مادتكم؟ قالوا: مادة فنية رسم، فرسم لهم وردة أو زهرة على السبورة، ثم تكلم عمَّن خلقها وأنشأها ومن صوَّرها وأبدعها، ثم ألقى عليهم محاضرة في العقيدة حتى أبكى الطلاب.

إذاً: لا بد أن ندخل من هذه المداخل، أنا لا أقول: نترك هذه العلوم؛ لكن أن نجعل حصة واحدة للحديث، وحصة للفقه، والباقي جغرافيا وثقافة وعلم نفس وتربية! ومن هذا القبيل قائمة عريضة طويلة، فيخرج الشاب وعنده معلومات سلة مهملات، ولكن ليس عنده إيمان.

هذا غير صحيح.

ب/ قلة النوافل عند الشباب.

إما أن الأساتذة لم يوجهوهم للنوافل، أو لأنهم في الأصل ما قرءوا هذا ولا تعلموه، ولذلك لا يتحدث عن قيام الليل، ولا عن صلاة الضحى، ولا عن الذكر وتدبر القرآن، فينشأ الشاب وقلبه ما اطمأن بالإيمان وما تشبَّع به، ويمكن أن يُخدع بأدنى شيء، فيرى الفتاة ويُلاحقها، ويسمع الأغنية وينهار، وربما رأى الخمر فلا يمكن أن يتغلب عقله على هواه، قد سيطر عدم التربية الروحية عليه.

جـ/ الجلساء.

أصيب مجتمع المسلمين بجلساء الله حسيبهم، فإن من أسس التربية عند المسلمين الجليس الصالح والجليس السوء مصاحبة هذا والانتباه لهذا، يقول ابن المبارك:

وإذا صاحبت فاصحب ماجداً ذا عفاف وحياء وكرمْ

قوله للشيء لا إن قلتَ لا وإذا قلتَ نعم قال نعمْ

قال الله تعالى: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف:67] وهذا الشافعي يمدح نفسه بما أعطاه الله، وهذا من باب التحدث بالنعم، يقول:

أحب الصالحين ولستُ منهم لعلي أن أنال بهم شفاعة

وأكره من تجارته المعاصي وإن كنا سواءً في البضاعة

يقول: من ميزتي ولو أني مذنب أني إذا رأيت الصالح أحبه إذا رأيتُ الذي يصلي الصلوات الخمس، والذي يلتزم بالسنة، ويحب الله ورسوله أحبه وأضمه وآتلف معه ومع أني أعمل المعاصي لكني أكره هذا العاصي، وأكره المجرم.

فرد عليه الإمام أحمد وقال:

تحب الصالحين وأنتَ منهم ومنكم قد تناولنا الشفاعة

يقول: أنت من أسرة الرسول عليه الصلاة والسلام، ومن بيتكم خرجت الشفاعة بسند رجاله ثقات، فكيف أنت؟! بل أنت من الصلحاء الكبار.

قال ابن المبارك في كلمة نثرية: أحب الصالحين ولستُ منهم، وأكره الأشرار وأنا شر منهم.

وقد ذكرها الذهبي بسند حسن إليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015