كان من أبسط الناس وأزهدهم وأفقرهم، ما كان يشبع من خبز الشعير، يوم الجمعة يصعد المنبر وعليه إزار فيه أربع عشرة رقعة، وبإمكانه لو أراد أن يلبس الذهب والديباج والحرير للبس، فرقي المنبر يوم الجمعة في عام الرمادة؛ عام الجوع والقحط.
عام الثامن عشر من الهجرة مرَّ قحط على المسلمين حتى رأوا الدخان يفوح من على الأرض، وحتى أكلوا الميتة، وحتى ما أصبح هناك نبتة خضراء، أكلوا أوراق الشجر حتى تشرمت أشداقهم، فصعد على المنبر وهو يبكي يوم الجمعة، وقال: [[يا رب! لا تعذب أمة محمد بسبب ذنوبي]] ذنوب عمر الزاهد، المجاهد، قائم الليل، صائم النهار، ونحن الآن إذا قلنا: نحن مذنبين قالوا: لا.
الحمد لله نحن من أحسن الناس، وما أذنبنا، والله إننا لنصلي ومستقيمين على طاعته ولا نريد شيئاً، ويا ليت الناس مثلنا.
عمر يقول على المنبر وهو يبكي: [[اللهم لا تعذب أمة محمد بسبب ذنوبي، يا رب أتهلك أمة محمد بعهدي؟]] ثم يبكي ويبكي الناس ويقول مخاطباً بطنه: [[قرقر أو لا تقرقر والله لا تشبع حتى يشبع أطفال المسلمين]].