منة الله على عباده بنشر الدين

وقد منَّ الله على الجزيرة العربية بدعوة قديمة، دعوة إسلامية، دعوة موافقة لما عليه أهل السنة والجماعة؛ وهي دعوة شيخنا ومحدثنا محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، فقد كانت هذه الجزيرة في جهل عظيم، وعبادة للقبور والأشجار والأحجار، وتحكيماًَ للقوانين ولعادات القبائل، فجاء الله بهذا الشيخ رحمه الله وهو محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي التميمي رحمه الله، قرأ في نجد والحجاز والبصرة، تعلم على جملة من المشايخ الأخيار، وهدى الله قلبه وسدد مساعيه حتى قام بالدعوة إلى الله عز وجل في هذه الجزيرة في حريمنة ثم في العيينة ثم في الجزيرة ثم في أبها، ودعا إلى الله ونشر التوحيد، ودعا إلى هدم القباب، وهدم مشاهد الشرك وأعناق الشرك، ثم ساعده على ذلك الإمام محمد بن سعود رحمه الله مساعدة عظيمة، فهدى الله بهما الناس في هذه الجزيرة من الظلمات إلى النور، ورفع بهما هذا الجيل العظيم جيل الإسلام، وهدم الله بهما قواعد وأسس الشرك وعبادة غير الله سبحانه وتعالى، وحكَّما شريعة الله في عباد الله، وجاهدا في سبيل الله هما وأنصارهما، فكان هذا من رحمة الله لهذه الجزيرة ولغيرها.

فإن الدعوة انتشرت وخرجت عن الجزيرة إلى الهند والشام والعراق وأفريقيا، ونقلها العلماء، ونفع الله بها العباد في أماكن كثيرة، فدعوا إلى الله ووجهوا الناس إلى الخير وإلى توحيد الله سبحانه وتعالى، ونفوا الشرك بالله فصارت دعوة عظيمة مباركة في النصف الثاني من القرن الثاني عشر، رحم الله بها العباد، وأنقذهم الله بها من الشرك والظلم، وعبادة الأشخاص والأصنام والأوثان، إلى عبادة الله وحده سبحانه وتعالى.

ثم استمرت هذه الدولة وهؤلاء العلماء من ذرية الشيخ محمد وأنصاره من الدعاة من نجد وغيرها في الدعوة إلى الله، ومعهم آل سعود وأنصارهم في الدعوة إلى الله، وترغيب الناس في الخير، وإقامة دين الله، وإقامة حدود الله في أرض الله، وفي سبيل الله، من ذاك الوقت إلى يومنا هذا، وهذه من نعم الله العظيمة.

فالواجب الدعاء لهم بالمغفرة والرحمة، والدعاء للموجودين منهم بالتوفيق والهداية، ونسأل الله للموجودين التوفيق والهداية، وأن يبين لهم على المسلك الذي سلكه آباؤهم من آل الشيخ وآل سعود، نسأل الله أن يعينهم على إقامة الحق وفي ذلك الخوض، وأن يوفقهم لكل ما فيه الصلاح لعباده، وأن يعينهم على ذكره وفقهه وحسن عبادته، وأن يوفق علماءنا جميعاً في التعاون معهم في الدعوة إلى الله، ونشر دين الله، والصد على أعداء الله، فإن هذا هو الواجب على العلماء، الواجب على العلماء في هذه الجزيرة وفي كل مكان أن ينشروا دين الله، وأن يعلموا الناس دين الله، وينشروا توحيد الله والإخلاص له، ويعلموا الناس ما يهمهم من أمر دينهم، وأن يدعوهم إلى الإخلاص وإلى نبذ الشرك ومحاربة أسبابه وذرائعه وقواعده؛ من عبادة القبور والبناء عليها، وعبادة الأشجار والأحجار إلى غير ذلك من أصول الشرك وقواعده.

علينا جميعاً ونحن العلماء في هذه الجزيرة وفي بقية أرض الله في كل مكان في أفريقيا وأوروبا وأمريكا وفي بلاد خراسان وفي كل مكان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015