بركته في شفاء رأس عبد الله بن أنيس

ذكر البغوي والطبراني عن عبد الله بن أنيس -وله قصة أقف معها وقفة احترام وإجلال فهو شاب من أهل الجنة- وقد شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم أنه من أهل الجنة.

فقد أتى رجل مجرم عنيد مارد اسمه: خالد بن سفيان الهذلي، جمع هذيل في نواحي مكة يريد أن يقتل الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد اجتمع معه ألف فارس ومارد يريدون الذهاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم لمحاربته في المدينة وقتله، فأتت الأخبار الرسول عليه الصلاة والسلام، قالوا: يا رسول الله جمع خالد بن سفيان الهذلي ألف مقاتل في مكة يريدون قتلك، قال: أنا أقتله إن شاء الله، يقول صلى الله عليه وسلم: من يقتله وله الجنة؟ قال عبد الله بن أنيس: أتضمن لي الجنة، وهذا من الفرسان الكبار حتى ذكر الألباني في إرواء الغليل في بعض الروايات أنه لما أراد قتل خالد يقول: رأيت خالداً وأنا قريب منه، وقد أتت صلاة العصر، وخشيت أن تخرج عليّ صلاة العصر فكنت أصلي وأومئ وأنا مقبل منه حتى ضربت رأسه وأخذته، هذا في رواية.

الرواية الثانية أذكرها لكم قال: أتضمن لي الجنة يا رسول الله؟! قال: أنا لك بها زعيم -أو كما قال صلى الله عليه وسلم- قال: ائذن لي -يعني أئذن لي في الكلام إذا ذهبت لأنه يحتاج إلى حديث- قال: اذهب، فذهب فسأل عن خالد بن سفيان الهذلي -كأن عبد الله بن أنيس لا يريد أن يهوي على مكة من جهة المدينة - قال: من هذا؟ قالوا: خالد بن سفيان، أما أتاك خبره؟ قال: ما أتاني خبره، قالوا: يجمع الجموع لقتل محمد في المدينة قال: أنا معكم فذهب وسلم على خالد، وقال: أنا من جنودك، قال: حيهلاً بك يا أخا العرب، قال: أريد أن أسامرك الليلة -سمرة ما سمع بأسوأ منها في التاريخ- قال: عبد الله بن أنيس: تحفظ من الشعر؟ قال: أحفظ من الأشعار، قال: أنت معي هذه الليلة في الخيمة -هذه ضيافة خاصة- قال: أنا معك، فنام الجيش كله وأخذ عبد الله بن أنيس يسامره، هذا يأتي بقصيدة وذاك يأتي بقصيدة، وذاك ببيت وهذا ببيت، وفي الأخير قال عبد الله بن أنيس: أما ترى يا خالد أنا سهرنا لو نمنا قال: بلى فنام، ونام عبد الله بن أنيس لكن:

نامت الأعين إلا مقلة تسهر الدمع وترعى مضجعك

قال: فسمعت غطيطه، فقمت على السيف فحززت رأسه على المخدة، ووضعتها في المخلاة -هذه بضاعة ينقلها إلى المدينة مع التحية، هذا قائد الجيش- قال: فذهبت في الليل قال: فكنت أمشي في الليل وأنام في النهار -عشرة أيام- فجاع جوعاً لا يعلمه إلا الله، وظمئ ظمأً حتى اسود وجهه: وأقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في جمع مبارك في المسجد، فلما رأى صلى الله عليه وسلم قال: أفلح وجهك، قال: ووجهك يا رسول الله! -والهدية موجودة، في المخلاة فأتى بالبينة- فقدم الرأس له قال صلى الله عليه وسلم: {خذ هذه العصا تتكئ بها في الجنة والمتكئون بالعصي في الجنة قليل} فأخذ العصا من الرسول صلى الله عليه وسلم، فكان يمشي بها، ويذهب بها وينام وهي معه، ويقوم وهي معه، ويصلي وهي بجواره، فلما أتته الوفاة أمر أن يغسل ويكفن، وتدخل في أكفانه، فدخلت معه القبر، وسوف يأتي في الجنة يتوكأ بها ليلقى إبراهيم وموسى وعيسى ومحمداً صلى الله عليه وسلم، هذا شيء من أخبار عبد الله بن أنيس.

قبلها ضربه يهودي بسيف في رأسه قال: فوصلت العظم، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنفث فيها ورقى، فعادت بلا بأس بحمد الله تعالى وعافيته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015