ذكر الجاحظ صاحب البخلاء: أن أحيحة بن الجلاح، وهو تاجر من الأوس قبل الإسلام، وهو من ساداتهم، كان يجمع المال لكي يحمي عرضه، ويحمي مكانته، وينفق؛ يقول:
ولو أني أردت نعمت بالاً وباكرني صبوح أو نسول
ومازحني على الأنطاع غيد على أنيابهن الزنجبيل
ولكني أهب لجمع مال فأمنع بعد ذلك أو أهيل
يقول: لو أردت لذاذة الحياة، لكنت تزوجت فتاة جميلة، وجلست في بيتي وصابحني خمر في الصباح وغبوق في المساء، وأكلت اللحم المشوي، لكني أخشى أن أفتقر فأتعرض لمسبة، فأنا أجمع المال لأنفقه، وأحمي عرضي، وقال الآخر:
واجمع المال وحصله ولا تسأل الناس ذليل من سأل
ثم جد بالمال لا تبخل به تكن الشهم على الناس الأجل
كثير من الشباب يترك الوظيفة، ويترك التجارة والعمل بالورشة، والعمل بالمتجر؛ بحجة الزهد، وأنها تشغله وتلهيه عن طاعة الله، وهي من طاعة الله، ويبقى عالة يتكفف الناس، يقترض من هذا، ويقترض من هذا، ويموت مديوناً، وإذا سألته من يرزقك؟ قال: الرازق هو الله، لكن من جيوب إخوانه، رزقه الله من جيوب إخوانه، والمسلم لا بد أن يفكر بمصدر الرزق خاصة في عصر الاقتصاد.