أيضاً من أخطائنا: تسمية البطالة زهداً.
قال ابن تيمية رحمه الله في المجلد العاشر من الفتاوى: الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة.
ولله دره! وأحسن من عرف الزهد في الإسلام ابن تيمية بهذه العبارة، والله يقول: {وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [القصص:77] والله يقول: {وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [هود:61] يعني في الدنيا، وقال سبحانه: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة:10]
الإسلام حياة، وعمل وإنتاج، ومزرعة وفلاحة، وتجارة وورشة ودكان، هذا هو الإسلام، الإسلام لا يعترف بالتصوف الهندوكي الذي قتل الهمم أمام طلب الرزق.
قال عليه الصلاة والسلام في الصحيح: {ما أكل أحد طعاماً خيراً من أن يأكل من كسب يده -ومن كد يده- وإن نبي الله داود كان يأكل من كد يده}.
وسئل صلى الله عليه وسلم كما روى ذلك الحاكم في المستدرك: {أيُّ الكسب أطيب يا رسول الله؟ قال: عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور} حديث صحيح، والصحابة كانوا تجاراً، مثل: أبي بكر، وعثمان، وابن عوف، وكان منهم الفلاحون، مثل: جابر بن عبد الله، ورافع بن خديج وغيرهما، ولم يركنوا إلى البطالة تحت مسمى الزهد كما فعل الكثير منا الآن.
إني أعرف أن كثيراً من أمثالي من المقصرين، تأثروا بالأحاديث الضعيفة والموضوعة، في كتاب إحياء علوم الدين، وقوت القلوب، والرعاية للمحاسبي وصفة الصفوة لـ ابن الجوزي، فأماتوا أنفسهم.
الرسول المعلم الكريم صلى الله عليه وسلم يقول: {لأن يأخذ أحدكم أحبله فيحتطب ويبيع خير له من أن يسأل الناس، أعطوه أو منعوه}.