كثير من شباب الصحوة يحب الله ورسوله والدار الآخرة، وكثير منهم عنده تصور مجمل لعموميات الإسلام، لكن الأحكام الشرعية، الفقه في الدين، طلب العلم الشرعي، ليس عند الكثير منهم.
قد يحضرون المحاضرات العامة، لكن أن يأتي إلى العالم فيقرأ عليه كتاباً، أو يبحث مسائل في الشرع، أو يحفظ الأحاديث بتخريجها، أو يعرف المسألة بدليلها، فلا ترى ذلك إلا عند القليل منهم، وهذا نقص، يقول عليه الصلاة والسلام في الصحيحين: {من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين}.
يا شباب الإسلام! يا رواد الصحوة! يا حملة المبادئ! لابد أن نقبل على العلم الشرعي، والتفقه في الدين إقبالاً تاماً، لا أعلم مدينة من المدن الشهيرة في البلاد إلا وفيها علماء يدرسون، وفيها طلبة علم ودعاة عندهم دروس وحلقات، وإذا لم تستطع فأقبل على الكتب واقرأ، ومشكلتنا -صراحة التي هي عيب علينا أمام العالم- عدم الرغبة في القراءة.
يقول موشي ديان في كتابه السيف هو الحكم وقد ترجم هذا الكتاب، يقول فيه: العرب أمة لا تقرأ، يقصد العدو الهالك أنه في فترة من الفترات، تصوروا أن إسرائيل عن طريق الخطأ نشرت أسراراً عن أسلحتها النووية في المنطقة، وأعداد الجيش والقوات، ولم يعلم العرب بذلك، فكان يضحك وهو في واشنطن ويقول: العرب قوم لا يقرءون.
وهذا تسري حتى على شباب الصحوة، فأقل الناس قراءة هم العرب، وأقل أهل الأديان قراءة هم المسلمون، ثم أقل أهل المناطق قراءة هم أهل هذه المناطق وهذه البلاد أقولها صراحة.
إنك لتفاجأ حين تركب في حافلة أو في طائرة وتجد كثيراً من الأوروبيين والأمريكان وهم يقرءون في كتبهم، وتجد هذا المسلم وهو يتلفت في الأشباح والصور والملامح ويعدد الذاهب والآيب، وهذا أمر ملحوظ لا ينكره أحد.
إذاً مسئولية مَنْ ألا نقرأ؟! مسئولية من ألا نتعلم؟! مسئولية من أن يمر بك يوم واحد وأنت لم تعرف آية، أو تتدبر حديثاً أو تخرج مسألة، أو تحقق معلومة، أو تقرأ مجموعة من المعلومات؟! حتى إني أعلم أن كثيراً من الشباب الآن سوف ينامون بعد أربع ساعات أو خمس، وإذا سألت أحدهم عن سجله اليومي من يوم أن أشرقت عليه الشمس فلن تجده استفاد معلومة.
أي: أن حياته مكانها، تعود على أشياء؛ تعود على تدريب رياضي مثلاً، وزيارة زملائه، والخروج في النزهة، والصلوات الخمس، لكن أن يجدد في حياته فهذا أمر ليس عند الكثير، فهو هو أمس، وهو هو اليوم، قال بعض التابعين: [[يوم لا أزداد فيه خيراً فلا غربت شمس ذلك اليوم]].
وقال بعضهم: إني لا يحق لي أن أنام إلا بزيادة في علمي، كان أبو الوفاء ابن عقيل الحنبلي عالم الدنيا، من العلماء الجهابذة الكبار، كان يجعل أوراقاً من الأوراق البيض عند رأسه فإذا أتى ينام كتب ما يقارب خمسة وعشرين صفحة، قالوا: ما لك؟ قال: لا أنام حتى يضمني النوم ولا أضمه، ونعرف أن من الشباب من يبقى يتحرى النوم ساعتين وهو يتقلب على فراشه، وهاتان الساعتان ألف فيهما شيخ الإسلام ابن تيمية رسالة التدمرية التي قرأها الشباب في أولى أصول الدين في سنة كاملة، ولم ينجح منهم إلا الثلث، لأنها تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم.