قصة سعيد بن جبير مع الحجاج بن يوسف الثقفي

وسعيد بن جبير جهبذ العلماء مات وما في الأرض رجل إلا وهو محتاج إلى علمه، ذبحه الحجاج بن يوسف الثقفي، الذي قال عنه سيدنا عمر بن عبد العزيز: لو تخابثت الأمم وجاءت كل أمة بخبيثها، وجئنا بـ الحجاج لفقناهم.

دخل سعيد بن جبير -وهو أعلم أهل الأرض يومئذ- على الحجاج، فقال له: ما اسمك؟ فقال: سعيد بن جبير، فقال له: لا، بل أنت شقي بن كسير، قال له: أمي أعلم باسمي منك.

فقال له الحجاج: الويل لك ولأمك، فقال له: لا يعلم الغيب إلا الله.

قال له الحجاج: لأبدلنك بالحياة ناراً تلظى.

فقال له: لو كنت أعلم أن هذا لك لاتخذتك إلهاً من دون الله.

فيقول: اذبحوه، فيضحك سعيد بن جبير، فقال له: مم تضحك؟ فيقول: لحلم الله عليك وجرأتك على الله عز وجل، ثم يقول: خذها مني حتى تلقاني بها غداً عند الله يا حجاج، أما أني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ثم يقول: اختر لنفسك يا سعيد أي موتة تريد؟ فيقول: بل اختر أنت لنفسك، والقصاص أمامك.

فقال الحجاج: حرفوه عن القبلة، فقال: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة:115].

فيقول: اطرحوه أرضاً، فقال: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه:55].

فقتل سعيد، وما عاش الحجاج بعده كما قال ابن كثير إلا أربعين يوماً، وكان يرى سعيد بن جبير في منامه يأخذه بتلابيبه وثوبه، ويقول له: يا عدو الله: فيم قتلتني؟ فيقوم من نومه فزعاً مرعوباً، وكان يقول: مالي ودم سعيد بن جبير، ما لي ودم سعيد بن جبير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015