ثانياً: ذلك الصحابي الذي وقع من على دابته فوكزته بقدمها فمات، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا تطيبوه ولا تغطوا رأسه، غسلوه وكفنوه فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً)، وفي الحديث (إن العبد يبعث على ما مات عليه)، يعني: من مات على طاعة بعث عليها، فإن مات ساجداً بعث ساجداً، وإن مات ملبياً بعث ملبياً، ولذلك العبد يحرص على أن يكون على طاعة؛ لأن ملك الموت لا يستأذن أحداً، لكن من المسلمين اليوم من يموت لأجل أن الكرة ضربت في العارضة وعادت ولم يحقق الهدف، فالفريق الذي يشجع مكروب، فيموت لأجل الهدف، فهذا سيبعث يوم القيمة على حاله إن مات عليها، نسأل الله العافية، لذلك النبي قال: (يبعث يوم القيامة ملبياً)، أي: يخرج من قبره قائلاً: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، فأي كرم هذا؟! ولذلك كان النبي عليه الصلاة والسلام يسأل الله حسن الخاتمة، وحسن الخاتمة: أن يوفقك الله بأن تموت على طاعة.
فهذا ابن مسعود بكى في موته، فقيل له: لم تبك يا ابن مسعود؟ قال: جاءني المرض في زمن الفتور، أي: فتور الطاعة، وكنت أحب أن يأتيني في زمن النشاط، أي: وأنا أتهجد وأقرأ وأصوم؛ حتى إذا جاء ملك الموت قُبضت على طاعة، لذلك النبي عليه الصلاة والسلام قال لأصحابه: (لا تغطوا رأسه ولا تطيبوه، كفنوه وغسلوه، فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً).
وربما قد تجد العجب في زمن العجب: رجل ينسب إلى أهل العلم ويصدر فتوى مضمونها: لا مانع من أن تجلس لتشاهد مسرحية، أو يشاهد حفلة غنائية، أو يشاهد احتفالات، لا أقول: شرعية، بل جاهلية، ويجلس وينظر إلى الرقص والطبل والغناء، ولا يستحي من منظره وسمته الإسلامي، فيا عبد الله لو أن ملك الموت جاءك في تلك الساعة فإنك ستبعث يوم القيامة وأنت تشاهد ما يغضب الله عز وجل، أما تستحي من نفسك، أما تتقي الله، وفي أماكن تتنزل فيها اللعنات من رب البريات؛ وفي أماكن يشرك ويسب فيها الله عز وجل، فيدخل هؤلاء ويطبلون، ويدخل هؤلاء ويصافحون، نسأل الله العافية.