قد يكون المجتمع مسلماً، لكنه يعاني من آثار الجاهلية، فهيا بنا نطوف مع الجاهلية في بعض صورها: قد صور القرآن الكريم تبرج النساء في المجتمع الأول بأنه تبرج جاهلي، فقال سبحانه: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} [الأحزاب:33]، فما هو تبرج الجاهلية؟ عد إلى كتب التفاسير واقرأ، فقد كانت المرأة في الجاهلية تلبس ثوباً فضفاضاً صفيقاً، لا يصف العورة، وإنما كانت تُظْهِر جزءاً من صدرها ورقبتها فقط، فسمى القرآن هذا التبرج بـ (تبرج الجاهلية)، لكن نحن سنظلم الجاهلية الأولى إن قارنا بين تبرجنا اليوم وبين تبرجها، إن كان تبرج الجاهلية الأولى هو إظهار الصدر والرقبة فقط، إذاً فماذا تقولون في إظهار العورة المغلظة؟! جاهلية مركبة؟! جاهلية وإن ادعت الحضارة، وإن ادعت التقدم والمدنية، ولذلك نجد مجتمعاً مسلماً، لكن فيه أثر من آثار الجاهلية بل أشد، والقرآن الكريم حينما أمر النساء بترك هذا التبرج إنما ذلك لحفظ عفافها وشرفها.
واسمعوا إلى ما كتبه صحفي بارع: بينما كنت أسير على الطريق الدائري، رأيت نساء وبناتاً في عمر الزهور في مراحل التعليم المختلفة، وهن يرتدين لباساً أسود، ويغطين وجوههن، فماذا حدث لنساء مصر؟ وما هذه الردة والتخلف؟ وأي سبب دعانا لهذا؟ إنها ظاهرة خطيرة تستحق أن نقف عندها! ثم يقول: وأنا ضد الذين يقولون: إن سبب هذا الزي مسألة اقتصادية، أي: فقر الأب، وإنما لا بد أن خلفه جماعة من الدعاة الذين أتيحت لهم الفرصة ليلوثوا عقول الشباب والنساء! فماذا حدث لنساء مصر؟ تتغطى وتتحجب وتختمر وتغطي محاسنها؟ لا، لا بد أن تكون سافرة، واضحة المعالم من كل طريق يدخل إليها!! فيا هذا! أما تستحي من نفسك!؟ ويحلل ويكتب ويقول للمفكرين وأرباب الفكر المستنير: فهيا بنا ندرس هذه الظاهرة المزعجة المقلقة! ما هي هذه الظاهرة؟ إنه الحجاب الشرعي، فبصفاته الشرعية أصبح ظاهرة تستحق الدراسة، فأين المرأة التي كانت تقف بين الرجال وتخرج بلا ضوابط ولا قيود شرعية، فهذه هي المرأة التي نطالب بها! أليس هذا ينادي بأثر من آثار الجاهلية؟