يخرج علينا الآن من لا عقول عندهم، يقولون: إن الله عز وجل أراد أن يكفر عن ذنب بني آدم؛ لأن أباهم قد ارتكب ذنباً، فصلب ولده! يا له من عجب! ما ذنب الابن إذا ارتكب الأب معصية؟ أنا الذي ارتكبت الذنب، إذاً: أنا الذي أتوب، أما أن يحاسب غيري لأجل ذنبي فهذا ليس من المعقول ولا من المنقول، والله يقول: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام:164]، فهل للابن ذنب؟ وحاشا لله سبحانه أن يتخذ ولداً: {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا} [الكهف:5]، {لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا} [مريم:89]، يعني: عظيماً، {تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} [مريم:90 - 95].
أيها الإخوة الكرام الأحباب! بعد أن أكل آدم من الشجرة هو وزوجته، وظهرت السوءة والعورة طفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة، وجاءت التوبة في الحال بعد الندم والإقلاع والعزم وعدم الإصرار عليها: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة:37]، فقبل أن يهبط آدم إلى الأرض تاب الله عليه، فلا حاجة لما قالوه ولا لما نسجوه من وحي الخيال: أن عيسى صلب تكفيراً لذنب أبيه آدم، والله عز وجل قال: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران:55]، رافعك بالروح والجسد لا كما يقول البعض: رفع روحاً بغير جسد، فهذه أكذوبة واختلاق.
قال العلماء والمفسرون: دل عليه أحد حوارييه ليقتلوه ويصلبوه، فألقى الله شبهه عليه، فشبه لهم أن هذا الحواري هو عيسى، فأخذوه وصلبوه، وهكذا رفع عيسى آمناً عند ربه سبحانه، وسينزل قبل قيام الساعة؛ ليعرف كل الناس أن عيسى قد رفع إلى ربه عز وجل ولم يصلب، فالله يقول: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ} [النساء:157].
إن البعض الآن وللأسف يدندن بقلمه وهو مسلم: أن عيسى صلب، وكما قتل الشيخ أحمد ياسين فإنهم قد صلبوا عيسى وقتلوه.
أقول: يمكن أن نقول: إنهم قتلوا يحيى وأرادوا قتل زكريا، أما أن تكتب عقيدة مخالفة لنص قرآني فهذا من الجهل ومن التعاطف في قضية لا ينبغي أن تتعاطف فيها؛ لأن المسلم عقيدته من كتاب ربه: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا} [النساء:122]، {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} [النساء:87].
اللهم إنا نسألك أن تجعل القرآن ربيع قلوبنا، وجلاء همنا وغمنا ونور أبصارنا، اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا، اللهم ارزقنا قبل الموت توبة.
اللهم تب علينا من الذنوب والمعاصي، اللهم طهرنا من الخطايا يا رب العالمين! اللهم اغفر لنا ذنوبنا، خطأنا وعمدنا، هزلنا وجدنا، وكل ذلك عندنا، اللهم استرنا ولا تفضحنا، اللهم كن لنا ولا تكن علينا.
اللهم انصر أطفال فلسطين المغتصبة، اللهم عليك باليهود ومن والاهم، اللهم زلزل الأرض من تحت أقدامهم، اللهم أرنا فيهم آية فإنهم لا يعجزونك، اللهم إنا نسألك أن تنصر الإسلام وأن تعز المسلمين، وأن تذل الشرك والمشركين يا رب العالمين! اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا، وأمّنا في أوطاننا، بدلنا من بعد خوفنا أمناً، ومن بعد ضيقنا فرجاً، ومن بعد عسرنا يسراً.
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا، اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا، اللهم ارزقنا قبل الموت توبة، وعند الاحتضار شهادة، وبعد الموت جنة ونعيماً.
اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا إلى النار مصيرنا، واجعل الجنة هي دارنا وقرارنا، اللهم اغننا بحلالك عن حرامك، واكفنا بفضلك عمن سواك، اللهم اجعل ثأرنا على من ظلمنا، اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا، اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا.
يا مثبت القلوب ثبت قلوبنا على دينك! يا مصرف القلوب صرف قلوبنا إلى طاعتك! اللهم إنا نعوذ بك من السلب بعد العطاء، ومن الذل بعد العز، اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا، اللهم استرنا ولا تفضحنا، اجبرنا يا رب العالمين! اجبر كسرنا.
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا، اللهم اهدنا واهد بنا، اللهم إنا نسألك العفاف والتقى والهدى والغنى، إنك على كل شيء قدير، اللهم أعنا على ذكرك، وأعنا على شكرك، وأعنا على حسن عبادتك، ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، اللهم اغفر لأبوينا، إنك نعم المولى ونعم النصير.
آمين آمين آمين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.