الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولي الصالحين، وخالق الخلق ورازقهم أجمعين: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} [فاطر:3].
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، بلغ الرسالة وأدى الأمانة، ونصح الأمة، فما ترك من خير يقربنا من الجنة إلا وأمرنا به، وما من شر يقربنا من النار إلا ونهانا عنه.
الله أكبر الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد! الله أكبر كلما وقف الحجيج بصعيد عرفات! الله أكبر كلما باتوا في المزدلفة في أحسن مبات! الله أكبر كلما رموا تلك الجمرات! الله أكبر كلما رجع مذنب وتاب! الله أكبر كلما استغفر عاص وأناب! الله أكبر كلما طيف ببيت الله الحرام، الله أكبر كلما ارتفعت راية الإسلام! الله أكبر كلما دكدكت دولة الأصنام! لا إله إلا الله يحكم ما يريد، وهو على كل شيء شهيد.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه، صاحب الحوض المورود، والصراط الممدود، والشافع المشفع لأمته في يوم الخلود.
والحمد لله على نعمة الإسلام، وكفى بها نعمة.
أيها الإخوة الكرام! هذا يوم الحج الأكبر، هذا يوم النحر، هذا يوم إراقة الدماء تقرباً إلى الله، هذا يوم الذكر الذي قال الله فيه: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ} [التوبة:3].
هذا هو يوم الحج الأكبر، أيها الأحباب! أخرج الإمام البخاري في صحيحه أن حبراً من أحبار اليهود قال لـ عمر رضي الله عنه: آية في كتابكم لو نزلت علينا معشر اليهود لاتخذنا ذلك اليوم عيداً: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة:3] قال عمر: أعرفها، وأعرف متى نزلت، وعلى من نزلت، وفي أي زمان نزلت، نزلت في يوم الجمعة، في جبل عرفة، على سيد البشر محمد صلى الله وعليه وسلم، وهما لنا بفضل الله عيدان.
أيها الأحباب! أكمل الله لنا الدين، وأتم الله علينا النعمة، وكفى بنعمة الإسلام نعمة، ورضي لنا الإسلام ديناً، فهو دين الأنبياء جميعاً، قالت اليهود: إبراهيم يهودي، وقالت النصارى: بل هو نصراني، فقال الله لهما: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [آل عمران:67]، دين الأنبياء جميعاً هو الإسلام، وفي ذلك يقول النبي عليه الصلاة والسلام ممثلاً للرسالة الخاتمة: (مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتاً فشيده إلا موضع لبنة في زاوية من زواياه، فجعل الناس يطوفون بالبيت ويقولون: ما أجمله! ألا وضعت هذه اللبنة، فأنا اللبنة، وأنا خاتم النبيين)، صلى الله عليه وسلم.
أكمل الله به الدين، وأتم الله به النعمة.
أيها الأحباب الكرام! هذا اليوم الكريم يوم الأضحى عيدنا أهل الإسلام، ولكل قوم عيد، فمن الناس من ترتبط أعيادهم بمولد عظيم، أو بتنصيب ولي، أو بفترة زمنية، ولكن أعيادنا ربانية لأنها تأتي بعد طاعة، فبعد صيام رمضان يأتي عيد الفطر، ويأتي عيد الأضحى في الحج، وفيه رمي الجمرات، والذبح والطواف بالبيت، وفي عيد الفطر صدقة الفطر، وفيها التوسعة على الفقراء من المسلمين، وفي عيد الأضحى الأضحية والصدقة منها على فقراء المسلمين؛ لنبين للدنيا أن أعيادنا في طاعة الله عز وجل، ليس العيد في لبس الجديد، وإنما العيد لمن عاد إلى ربه، وعاد إلى كتابه، وعاد إلى سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.