رابعاً: من صفاتهم: أن الله أمرهم أن يذبحوا بقرة، وذلك عندما قتل فيهم رجل، والذي قتله واحد منهم، وأراد أن يلفق التهمة بغيره، وهذا يعطيك مؤشراً إلى أنهم يقتلون ويتقبلون العزاء، يقتلون ويذبحون ويرفعون الشعارات الكاذبة، أي: أن فعلهم يختلف عن قولهم، وهذا ما صنعه ذلك الرجل، قتل عمه ثم ذهب إلى موسى عليه السلام يقول له: عمي قتل، فمن الذي قتله؟ فأوحى الله إلى موسى عليه السلام أن يأمرهم بذبح بقرة: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة:67] أي: الآمر لكم هو الله، لكنهم يهود: {قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا} [البقرة:67] أتمزح معنا يا موسى! وهل يجوز لموسى أن يمزح في أمر الله، قال: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ} [البقرة:67]، فكانت الإجابة: {أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ} [البقرة:67 - 68] ولم يقولوا: ادع لنا ربنا، {قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ} [البقرة:68] أنت {يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ} [البقرة:68] خير الأمور أوسطها {فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا} [البقرة:68 - 70]، هذا يشير إلى أنهم قوم جدل ومراء وكثرة سؤال بغير حق، فالله أمرهم أن يذبحوا (بقرة) جاءت نكرة في سياق الشرط وأفادت العموم، فأي بقرة كانت تجزئ، لكنهم شددوا فشدد الله عليهم {قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيهَا} [البقرة:71] أي: سالمة من العيوب، {قَالُوا الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ} [البقرة:71] الآن جاء بالحق، وقبل ذلك جاء بالباطل؟! {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} [البقرة:71]، فأمرهم الله أن يأخذوا جزءاً من البقرة ويضربوا القتيل به ففعلوا، فأحياه الله عز وجل بعد موته وأخبر عن قاتله، فيا لها من مؤامرات ودسائس!