فيبدأ الحاج بالإحرام من الميقات، ولكل بلد ميقات، وينبغي أن لا يحرم قبل الميقات، وهناك فرق بين الإحرام والتهيؤ للإحرام، فإذا لبس من المطار فهذا تهيؤ، إنما انعقاد النية والتلبية يكون عند الميقات، فإذا لبس في المطار وبعد ذلك تعطر فليس عليه شيء؛ لأنه لم يصل إلى الميقات، فقبل الميقات رغم أنه لابس ملابس الإحرام إلا أننا ما عاملناه كمحرم، ففرق شاسع بين الحالتين.
يغتسل ويلبس الإزار والرداء، والإحرام للرجل إزار ورداء، والمرأة تحرم في ملابسها بشرط أن تكون صفيقة فضفاضة، لا تصف ولا تشف، غير متشبهة بالرجال، والأولى للمرأة أن تحرم بثياب غير بيضاء، كسوداء داكنة، والآن تجد بعض النساء يحرمن بملابس بيضاء، وهذا ليس من السنة أبداً، فتحرم بملابس تخالف ملابس الرجال، حتى لا تشبه الرجال.
ولا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين، وهناك من يقول: النقاب ليس له أصل في الشرع، بل هو عادة جاهلية! فأقول له: أما قرأت هذا الحديث؟ وتجد آخر يقول: النقاب ليس له دليل من كتاب ولا سنة، وقائل هذا رجل عالم لا داعي لذكر اسمه، وتجده يكتب هذا في الجرائد، فلا تنتقب المرأة المحرمة، إذاً: غير المحرمة تنتقب، وهذا مفهوم المخالفة؛ ولذلك تقول عائشة: كنا نرفع النقاب عند الحج والعمرة، فإذا اختلطنا بالرجال أسدلنا، أي: أنها كانت تضع على وجهها شيئاًَ، وبالنسبة لليد تكون العباءة طويلة بحيث تدخل يدها من غير قفازين، لكن لا تظهر اليد للأجانب ولا الوجه.
وطبعاً هذه الأيام يصعب أن يكون هناك عدم اختلاط، فالمرأة لا تنتقب، لكن تسدل عند الاجتماع مع الرجال، وهذا قول النبي صلى الله عليه وسلم، وهو كلام واضح بين، والأحاديث بينة واضحة، فالذين يريدون أن يقضوا على النقاب لماذا؟ ولصالح من؟ ولمصلحة من؟ وتجد آخر يقول: لا بأس بالبنطال للمرأة؛ لأنه ييسر لها الحركة، ويدفعها للعمل! فنقول: استح على دمك يا رجل! أما تستحيي من الله؟ لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فلصالح من تقول هذا الكلام؟ لو لم يكن في البنطال إلا التشبه لكفى في تحريمه، والله عز وجل يقول: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} [الأحزاب:59] وليس من بناطيلهن، فالقرآن وضح في كون الجلباب للمرأة.
وتجد قائل هذا يقوله في التلفزيون، ويخشى أن يمنع، فنقول له: لا تخف، (فمن أرضى الله في سخط الناس رضي الله تعالى عنه وأرضى عنه) فلن يمنعوك من البرامج، فترضي من؟ عليك أن ترضي الله أولاً، ولا تكن جسراً إلى جهنم يعبر عليك يا عبد الله! محمد بن واسع من علماء المالكية كان لا يفتي في الطلاق أبداً، فقيل له: لماذا؟ قال: أفتي في مسألة طلاق، فتعود المرأة لزوجها يستمتع بها على فراشه وأنا أقذف بها في نار جهنم! فكان عندهم ورع.
فالإحرام للرجل: إزار ورداء بعد أن يغتسل، ويتطيب، والتطيب يكون في الجسد وليس على الملابس، أي: في الشعر، وفي اللحية، وعلى الجسد، وفي المفارق.
والمرأة لا تتطيب؛ لأنه لا ينبغي للمرأة أن تتعطر وسط الرجال.
ولا يوجد شيء اسمه سنة الإحرام؛ فإن كان الظهر صلى ظهراً، وإن كان تحية مسجد أو سنة وضوء صلى، ولا يوجد شيء اسمه سنة إحرام.
وميقات أهل مصر الجحفة التي هي الآن رابغ، وهي لأهل مصر والشام وأهل المغرب، وميقات أهل اليمن يلملم، وميقات أهل العراق ذات عرق، وميقات أهل المدينة ذو الحليفة، وميقات أهل نجد قرن المنازل، قال صلى الله عليه وسلم: (هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)، أي: من جاء على الميقات وحاذاه إن لم يكن من أهله، ولا ينبغي أن تمر على ميقات مكان دون إحرام.
وأهل جدة يحرمون من جدة؛ لأنها بعد الميقات، وأهل مكة يحرمون من مكة نفسها، وللعمرة من أدنى الحل، يعني: أن العمرة تختلف عن الحج، فيهلون بالحج من أماكنهم، أما بالعمرة فيخرجون إلى أدنى الحل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عبد الرحمن أن يعمر عائشة من التنعيم، ولو كان يجوز من مكة لأحرمت من مكة.
فإذا أحرم الحاج يحظر عليه محظورات تسعة: التطيب، وأن يغطي رأسه، ولبس المخيط، وأن يأخذ من شعره ومن أظفاره، والخطبة لنفسه أو لغيره، والجماع ومقدماته، وصيد البر، وقطع شجر الحرم، فكل هذه من المحظورات، والجماع من أكبر المحظورات.
فإن ارتكب محظوراً من المحظورات فعليه فدية، والفدية: عبارة عن شاة تجزئ أضحية، أو صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، هذا لو ارتكب محظوراً من محظورات الإحرام متعمداً، أما الناسي والجاهل فلا شيء عليه.
وبعد أن يحرم ويقول: لبيك عمرة، يلبي: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، والتلبية الجماعية بدعة، فلا ينبغي لشخص أن يقول: قولوا بعدي: لبيك اللهم لبيك، وهم يرددون خلفه، وإنما كل شخص يلبي بمفرده، وأما شخص يلبي وجماعة يرددون خلفه فما ورد ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهناك كتب تباع في الخارج، وفيها: دعاء الشوط الأول كذا، ودعاء الشوط الثاني كذا! ودعاء الوقت ا