الحمد لله رب العالمين، {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ} [غافر:3]، لا إله إلا الله رب العرش الحليم، كل يوم هو في شأن، يرفع أقواماً ويضع آخرين، يغني فقيراً ويفقر غنياً، ويصح مريضاً ويمرض صحيحاً، سبحانه وتعالى عما يشركون.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله.
أما بعد: فوعظهم موسى عليه السلام موعظة بليغة، فأرادوا أن يتوبوا إلى الله من عبادتهم العجل، فاختار موسى منهم سبعين رجلاً، من أعبدهم وأزهدهم، ومن الذين لم يعبدوا العجل، ليذهبوا معه إلى الطور وليعتذروا إلى ربهم ويتوبوا إليه مما صنع القوم، قال تعالى: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا} [الأعراف:155]، أي: جاء موسى مع السبعين من خيارهم، وانظروا إلى خيارهم ما إن سمعوا الكلام من الله إلى موسى، وأنار جبل الطور بكلام رب العالمين، ودخل موسى في حوار مع ربه، فإذا بهم يقولون: {يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} [البقرة:55]! وهم خيار اليهود، عند ذلك تزلزل بهم الجبل، ونزلت عليهم صاعقة من السماء فأماتتهم جميعاً عن بكرة أبيهم إلا موسى عليه السلام، وظل موسى يقول لربه: يا رب ماذا أقول لبني إسرائيل؟ يا رب أتوسل إليك بإيماني بك، وبدعوتي إليك، بحبي إياك أن تحيي لي هؤلاء القوم مرة أخرى، وظل موسى يتضرع إلى الله ويتوسل إليه بعمله الصالح، فأحيا الله له السبعين مرة ثانية، وكان الواحد منهم يحييه الله بعد الآخر، فالأول أحياه الله ثم ينظر إلى الثاني فيحييه الله، والثاني ينظر إلى الثالث وهكذا، حتى أحياهم الله عز وجل جميعاً، فيا ليت القوم يتعظون، ويا ليت القوم يعتبرون، لكن اليهود هم اليهود في كل زمن وحين.
لكن لمن نقول ومن يسمع؟ ما زلنا على دائرة المفاوضات مع هؤلاء القردة والخنازير، ولا زلنا نبحث عن السلام معهم، وهم قتلة الأنبياء، وهم الذين ألحدوا في العقائد.
يا قوم إن اليهود هم اليهود، فلم يتغيروا أبداً، قال الله في وصفهم: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} [البقرة:74].
كانت قصة عجل بني إسرائيل هي موضوع اللقاء، وللحديث بقية إن شاء الله.
وختاماً أقول: كفانا عبثاً بدين ربنا، ولعباً بالفتوى والأحكام الشرعية الثابتة المستقرة بنصوص قطعية الثبات والدلالة، أي: أنه لا مجال للاجتهاد فيها.
إنه من أيام نوقش في المجلس القومي في تونس الحقوق المدنية للمرأة ومن ضمن ما طرح فيه أن الرجل الذي يتزوج بالمرأة الثانية يعرض نفسه للعقوبة التي تصل إلى السجن أو العقوبة المادية، نسأل الله العافية، فربنا أحل وهم يحرمون، فكيف يليق بكم أن تناقشوا شرع ربكم؟! الأمر الثاني الذي طُرح للمناقشة: لا بد من مساواة المرأة مع الرجل في الشهادة، بل في كل الأمور، لأن هذا من صميم المساواة، وربنا يقول: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة:282]، فهل هم عمش؟ وهل عندهم عمى حتى ما نظروا إلى هذه الآية؟! ما قرءوها؟ لكن القوم من متى يقرءون القرآن؟ القوم نبراسهم العلمانية هناك يرضعون من عصارتها، لكن الله قيض من عباده من وقف ورد كيدهم إلى نحورهم.
فيا قوم! كفاكم عبثاً بدين الله، وكفاكم اجتراء على ثوابت الشرع المقررة بالكتاب والسنة، فإن ذلك لن يكون في مصر ولن يكون أبداً، ولن تصبح مصر علمانية، ولن تصبح مصر بلد العلمانيين، إنما نقول لهم: إن مصر ستظل دائماً بشبابها وبإيمانها وبعقيدتها السلفية نبراساً يُحتذى به.
أسأل الله سبحانه أن يمكن لدينه في أرضه، اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين، وأذل الشرك والمشركين، اللهم عليك باليهود ومن هاودهم، نسألك نصراً لدينك في مشارق الأرض ومغاربها.
اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا، وأمّنا في أوطاننا، اللهم أبدلنا من بعد خوفنا أمناً، ومن بعد ضيقنا فرجاً، ومن بعد عسرنا يسراً، نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات، نسألك حبك وحب من يحبك، وحب كل عمل يقربنا إلى حبك.
اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا، اللهم علمنا من القرآن ما جهلنا، وذكرنا من القرآن ما نُسّينا، نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات، اللهم استر عوراتنا، وأمّنا في بيوتنا، وأمّنا في أوطاننا.
اللهم عليك باليهود فإنهم لا يعجزونك، اللهم انصر الإسلام في كل بقاع الأرض، اللهم عليك بهم وبمن يكيد بدينك.
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا، اللهم يا مثبت القلوب ثبّت قلوبنا على دينك، اللهم استر عوراتنا، اللهم اغننا بحلالك عن حرامك، واكفنا بفضلك عمّن سواك، اجعل ثأرنا على من ظلمنا، لا تجعل مصيبتنا في ديننا، لا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا إلى النار مصيرنا، واجعل الجنة هي دارنا وقرارنا.
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا، اللهم اهدنا واهد بنا، اللهم ارزقنا قبل المو