Q هل الثوب الذي يلبس إلى أنصاف الساقين يعتبر ثوب شهرة في هذه الأيام؟
صلى الله عليه وسلم هو عند الناس يشيرون إليه بالأصابع إذا رأوا رجلاً من قومٍ يعتادون أن يكون اللباس نازلاً، أما إذا كان من قومٍ يعتادون رفع الثياب، لأن في بعض البلاد تجد ثيابهم قصيرة من أصل، وتجدها إلى نصف الساق والباقي في السروال، فهذا يعتبر لباس شهرة.
ثم إنني أقول: ينبغي ألا نتشدد في هذا الأمر، أي: في رفع الثوب، لأن الأمر كله واسع، والصحابة منهم من يكون ثوبه إلى أسفل من نصف الساق، وعلى رأسهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه ثوبه نازل وأقره النبي عليه الصلاة والسلام، والدليل على أن ثوبه نازل أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما ذكر عقوبة من يجر ثوبه خيلاء قال: (يا رسول الله! إن أحد شقي إزاري يسترخي عليَّ إلا أن أتعاهده، فقال: إنك لست ممن يصنع ذلك خيلاء) ومن لازم كونه يسترخي عليه أن يكون أنزل من نصف الساق؛ لأنه لو كان إلى نصف الساق ونزل حتى وصل إلى ما تحت الكعبين تبدو عورته من فوق ضرورة، يعني: لو كان إزار يصل إلى نصف الساق، والأزر كما تعرفون في الغالب إلى السرة، إذا استرخى ونزل ينكشف ما فوق، وهذا دليل واضح على أن الأمر والحمد لله في هذا واسع، ولا ينبغي أن يعلق الإنسان الولاء والبراء على تقصير الثوب أو تطويله، لكن من رأى أخاه قد نزل ثوبه أسفل من الكعبين فلينصحه وليحذره، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (ما أسفل من الكعبين ففي النار) لكن لا ينتقده إذا رآه قد وصل إلى قريب الكعب، ويقول: خالفت السنة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من رغب عن سنتي فليس مني) فجعله في ذلك فاعلاً لكبيرة، هذا غلط، بل ينبغي للإنسان أن ينظر الأدلة من جميع الجوانب، أما أن ينظر إلى الأدلة من جانبٍ واحد فهو كما قال بعض العلماء: كالناظر بعيني أعور، والأعور لا يبصر إلا بعينٍ واحدة من جانب واحد، لو أن واحداً أرسل عليه المسدس من عند عينه العوراء هل يشاهده؟ لا يشاهده، لذلك ينبغي للإنسان أن يتأنى في الحكم على الشيء، وفي الولاء والبراء؛ لأن المسألة منهاجية، إذا انزرعت في القلوب العداوة والبغضاء والكراهية، لحصل الخلل في الأمة، وأعداء الإسلام سواء من المنافقين والملحدين والمعلنين بكفرهم، أعداء الإسلام يتمنون أن تتفرق الأمة الإسلامية شيعاً، وهذا أطيب ما يكون لقلوبهم؛ لأن تفرق الأمة والعداوة بينها يفككها ولا يكون لها قوة.