Q ماذا يستحب عند زيارة القبور؟
صلى الله عليه وسلم زيارة القبور نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم في أول الأمر دفعاً للشرك، فلما رسخ الإيمان في قلوب الناس أمر بها، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها فإنها تذكركم الآخرة) وفي لفظٍ: (تذكر الموت) فإذا زار الإنسان القبور فليزرها متعظاً لا عاطفة، فبعض الناس يزور قبر أبيه أو قبر أمه عاطفة وحناناً ومحبة، وهذا وإن كان من طبيعة البشر، لكن الأولى أن تزورها للعلة التي ذكرها النبي عليه الصلاة والسلام وهي تذكر الآخرة وتذكر الموت، هؤلاء الذين في القبور الآن هم كانوا بالأمس مثلك على ظهر الأرض والآن أصبحوا ببطنها مرتهنين بأعمالهم، لا يملكون زيادة حسنة ولا إزالة سيئة، فتذكر، وهل بينك وبين هذه الحال مدى معلوم؟ هل بينك وبين أن تكون في القبر مدى معلوم؟ لا.
لأنك لا تدري متى يفجئوك الموت، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (يوشك أن يأتيني داع الله فأجيب) .
الإنسان لا يدري متى يموت، فإذاً: تذكر يا أخي! تذكر، أليس من الناس من خرج لعمل حاملاً حقيبته، ورجع محمولاً ميتاً؟! أليس كذلك؟ فنقول: تذكر الموت وتذكر الآخرة فهذا هو المطلوب من زيارة القبور.
فلو قال قائل: هل للدعاء عند القبور مزية على الدعاء في غير ذلك المكان؟ فالجواب: لا.
ومن قصد القبور ليدعو الله عندها فقد ابتدع وأخطأ؛ لأن أقرب مكانٍ يجاب فيه الدعاء هو المساجد، بيوت الله، أما القبور فلا، فإذا كان هذا هو حال القلب عند الزيارة التذكر، فماذا يقول باللسان؟ يقول ما جاء عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (السلام عليكم دار قومٍ مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم) ثم ينصرف.
وأما ما يوجد الآن من كتيبات تقال عند زيارة البقيع فكلها بدعة، إلا ما وافق السنة، ولا ينبغي أن يتعب الإنسان نفسه بشيءٍ لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقصد التعبد به لله، لأنه إذا فعل ذلك فإنه لا يزداد من الله إلا بعداً.