فَأَما قَوْلهم فِي الْمثل: أَسَاءَ سمعا فأساء جابة، فالجابة هَاهُنَا هِيَ الِاسْم، والمصدر الْإِجَابَة، وَهَذَا الْمثل يضْرب لمن يُخطئ سمعا فيسيء الْإِجَابَة، وَأَصله أَنه كَانَ لسهيل بن عَمْرو ابْن مضعوف، فَرَآهُ إِنْسَان مارا فَقَالَ لَهُ: أَيْن أمك يُرِيد أَيْن قصدك فَظن أَنه يسْأَله عَن أمه، فَقَالَ: ذهبت تطحن، فَقَالَ: أَسَاءَ سمعا فأساء جابة. وَنَظِير الجابة فِي كَلَامهم الطَّاقَة وَالطَّاعَة والغارة، ومصادر أفعالها الإطاقة والإطاعة والإغارة.
(أخارج هلا إِذْ سفهت عشيرة ... كَفَفْت لِسَان السوء أَن يتدعرا)
أَي هلا حِين سفهت عشيرتك كَفَفْت ألسنتهم عَن التفوه بالسفه والتلفظ بخبائث القذع.
وَيُقَال للعود الْكثير الدُّخان: عود داعر ودعر، وَهُوَ يرجع للمعنى الأول، وَمِنْه مَا أنْشدهُ ابْن الْأَعرَابِي فِي أَبْيَات الْمعَانِي:
(وَلكُل غرَّة معشر من قومه ... دعر يهجن سَعْيه ويعيب)
(لَوْلَا سواهُ لجررت أوصاله ... عرج الضباع وَصد عَنهُ الذيب)
وَفسّر قَوْله: لَوْلَا سواهُ أَي إِنَّمَا يكرم لغيره الَّذِي لولاه لقتل حَتَّى يصير طعمة للضباع الَّتِي هِيَ أَضْعَف السبَاع، وَنبهَ بقوله: وَصد عَنهُ الذيب على أَن الذِّئْب يعاف