بِمَعْنى الْبَاقِي، وَمِنْه قيل لما يبْقى فِي الْإِنَاء: سُؤْر، وَالدَّلِيل على صِحَة ذَلِك أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لغيلان حِين أسلم وَعِنْده عشر نسوةٍ: اختر أَرْبعا مِنْهُنَّ، وَفَارق سائرهن، أَي من بَقِي بعد الْأَرْبَع اللَّاتِي تختارهن.
وَلما وَقع سَائِر فِي هَذَا الموطن بِمَعْنى الْبَاقِي الْأَكْثَر، منع بَعضهم من اسْتِعْمَاله بِمَعْنى الْبَاقِي الْأَقَل.
وَالصَّحِيح أَنه يسْتَعْمل فِي كل باقٍ، قل أَو كثر لإِجْمَاع أهل اللُّغَة على أَن معنى الحَدِيث: إِذا شربتم فأسئروا، أَي أَبقوا فِي الْإِنَاء بَقِيَّة مَاء، لَا أَن المُرَاد بِهِ أَن يشرب الْأَقَل ويبقي الْأَكْثَر.
وَإِنَّمَا ندب إِلَى التأدب بذلك لَان الاكثار من الْمطعم وَالْمشْرَب منبأةٌ عَن النهم ملأمة عِنْد الْعَرَب، وَمِنْه مَا جَاءَ فِي حَدِيث أم زرع عَن الَّتِي ذمت زَوجهَا، فَقَالَت: إِن أكل لف، وَإِن شرب اشتف، أَي يتناهى فِي الشربه إِلَى أَن يستأصل الشفافة، وَهِي مَا يبْقى من الشَّرَاب فِي الْإِنَاء.
وَمِمَّا يدل على أَن سائراً بِمَعْنى باقٍ مَا أنْشدهُ سِيبَوَيْهٍ:
(ترى الثور فِيهَا مدْخل الظل رَأسه ... وسائره بادٍ إِلَى الشَّمْس أجمع)
وَيشْهد بذلك أَيْضا قَول الشنفرى:
(لَا تقبروني إِن قَبْرِي محرمٌ ... عَلَيْكُم وَلَكِن أَبْشِرِي أم عَامر)