وَفِي كَلَام الْعَرَب أَشْيَاء تخْتَلف أسماؤها باخْتلَاف أوصافها فَمن ذَلِك أَنهم لَا يَقُولُونَ للقدح: كأس إِلَّا إِذا كَانَ فِيهَا شراب، وَلَا للبئر: ركية إِلَّا إِذا كَانَ فِيهَا مَاء، وَلَا للدلو: سجل إِلَّا وفيهَا مَاء وَلَو قل، وَلَا يُقَال لَهَا: ذنُوب إِلَّا إِذا كَانَت ملآى، وَلَا يُقَال أَيْضا للبستان: حديقة، إِلَّا إِذا كَانَ عَلَيْهِ حَائِط، وَلَا للإناء: كوز إِلَّا إِذا كَانَت لَهُ عُرْوَة، وَإِلَّا فَهُوَ كوب، وَلَا للمجلس: نَاد إِلَّا وَفِيه أَهله، وَلَا للسرير: أريكة إِلَّا إِذا كَانَت عَلَيْهِ حجلة، وَلَا للْمَرْأَة: ظَعِينَة إِلَّا مَا دَامَت راكبة فِي الهودج، وَلَا للستر: خدر إِلَّا إِذا اشْتَمَل على امْرَأَة، وَلَا للقدح سهم: إِلَّا إِذا كَانَ فِيهِ نصل وَرِيش، وَلَا للطبق: مهدى إِلَّا مَا دَامَت فِيهِ الْهَدِيَّة، وَلَا للشجاع: كميّ إِلَّا إِذا كَانَ شاكي السِّلَاح، وَلَا للقناة رمح إِلَّا إِذا ركب عَلَيْهَا السنان، وَعَلِيهِ قَول عبد الْقَيْس بن خفاف البرجمي:
(وأصبحت أَعدَدْت للنائبات ... عرضا بريا وعضبا صقيلا)
(وَوَقع لِسَان كَحَد السنان ... ورمحاً طَوِيل الْقَنَاة عسولا)
وَلَو كَانَ الرمْح هُوَ الْقَنَاة لقَالَ: رمحاً طَويلا، لِأَن الشَّيْء لَا يُضَاف إِلَّا إِلَى ذَاته.
وَمن هَذَا النمط أَيْضا أَنه لَا يُقَال للصوف: عهن إِلَّا إِذا كَانَ مصبوغاً، وَلَا للسرب: نفق إِلَّا إِذا كَانَ مخروقاً، وَلَا للخيط: سمط إِلَّا إِذا كَانَ فِيهِ نظم، وَلَا للحطب: وقود إِلَّا إِذا اتقدت فِيهِ النَّار، وَلَا للثوب: مطرف إِلَّا إِذا كَانَ فِي طرفه علمَان، وَلَا لماء