وَعند قوم أَن وضع نعم وَبئسَ للاقتصار فِي الْمَدْح والذم، وَلَيْسَ كَذَلِك بل وضعهما للْمُبَالَغَة، أَلا ترى إِلَى قَوْله تَعَالَى فِي تمجيد ذَاته وتعظيم صِفَاته: {واعتصموا بِاللَّه هُوَ مولاكم فَنعم الْمولى وَنعم النصير} وَإِلَى قَوْله سُبْحَانَهُ فِي صفة النَّار توعد بهَا الْكفَّار: {ومأواهم جَهَنَّم وَبئسَ المهاد} .
وَحكى أَبُو الْقَاسِم بن برهَان النَّحْوِيّ أَنه كَانَ لِشَرِيك بن عبد الله النَّخعِيّ جليس من بني أُميَّة فَذكر شريك فِي بعض الْأَيَّام فَضَائِل عليّ رضوَان الله عَلَيْهِ، فَقَالَ ذَلِك الْأمَوِي: نعم الرجل عليّ، فأغضبه ذَلِك، وَقَالَ لَهُ: ألعليّ يُقَال: نعم الرجل فَأمْسك حَتَّى سكن غَضَبه، ثمَّ قَالَ لَهُ: يَا أَبَا عبد الله، ألم يقل الله تَعَالَى فِي الْإِخْبَار عَن نَفسه: {فقدرنا فَنعم القادرون} ، وَقَالَ فِي أَيُّوب عَلَيْهِ السَّلَام: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نعم العَبْد إِنَّه أواب} ، وَقَالَ فِي سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام: {وَوَهَبْنَا لداود سُلَيْمَان نعم العَبْد إِنَّه أواب} ، أَفلا ترْضى لعَلي بِمَا رَضِي الله تَعَالَى لنَفسِهِ ولأنبيائه فَتنبه شريك عِنْد ذَلِك لوهمه، وزادت مكانة ذَلِك الْأمَوِي من قلبه.
وَمن غَرِيب مَا جَاءَ على فعلان قَوْلهم فِي جمع كروان: كروان