مَا لَا يَلْزَمُ؛ لِصِحَّةِ السَّجْعِ بِدُوْنِهَا؛ نَحْوُ: (فَلَا تَنْهَرْ وَلَا تَسْخَرْ).
- وَقَوْلِهِ: [الطّويل]
سَأَشْكُرُ عَمْراً إِنْ تَرَاخَتْ مَنِيَّتِيْ ... أَيَادِيَ لَمْ تُمْنَنْ، وَإِنْ هِيَ جَلَّت
فَتًى غَيْرُ مَحْجُوْبِ الْغِنَى عَنْ صَدِيْقِهِ ... وَلَا مُظْهِرُ الشَّكْوَى إِذَا النَّعْلُ زَلَّت
رَأَى خَلَّتِيْ مِنْ حَيْثُ يَخْفَى مَكَانُهَا ... فَكَانَتْ قَذَى عَيْنَيْهِ حَتَّى تَجَلَّتِ (?)
فَحَرْفُ الرَّوِيِّ هُوَ التَّاءُ، وَقَدْ جِيْءَ قَبْلَهُ بِلَامٍ مُشَدَّدَةٍ مَفْتُوْحَةٍ، وَهُوَ لَيْسَ بِلَازِمٍ فِي السَّجْعِ؛ لِصِحَّةِ السَّجْعِ بِدُوْنِهَا؛ نَحْوُ: (جَلَّت، وَمَدَّت، وَمَنَّت، وَانْشَقَّت، وَنَحْوِ ذَلِكَ).
* * *
قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ (?): «وَأَصْلُ الْحُسْنِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ - أَيْ فِي جَمِيْعِ ما ذُكِرَ من الْمُحسِّناتِ اللَّفظيَّةِ - أنْ تكونَ الألفاظُ تابِعةً للمَعَاني دونَ العَكْسِ؛ أَيْ: لَا أَنْ تكُونَ الْمَعَانِي تَوَابعَ لِلْأَلْفَاظِ؛ بِأَنْ يُؤْتَى بألفاظٍ مُتَكَلَّفَةٍ مَصْنُوعةٍ فيَتْبَعُهَا الَمَعْنَى كَيْفَمَا كَانَ؛ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ المُتَأَخِّرِيْنَ الَّذِيْنَ لَهُمْ شَغَفٌ بِإِيْرَادِ المُحَسِّنَاتِ اللَّفْظِيَّةِ؛ فَيَجْعَلُوْنَ الْكَلَامَ كَأَنَّهُ غَيْرُ مَسُوْقٍ لِإِفَادَةِ المَعْنَى، وَلَا يُبَالُوْنَ بِخَفَاءِ الدَّلَالَاتِ وَرَكَاكَةِ المَعْنَى، فَيَصِيْرُ كَغِمْدٍ مِنْ ذَهَبٍ عَلَى سَيْفٍ مِنْ خَشَبٍ. بلِ الوَجْهُ أَنْ تُتْرَكَ المَعَانِي عَلَى سَجِيَّتِهَا فَتَطْلُبَ لِأَنْفُسِهَا أَلْفَاظاً تَلِيْقُ بِهَا، وَعِنْدَهَا تَظْهَرُ الْبَلَاغَةُ، وَيَتمَيَّزُ الْكَامِلُ مِنَ القَاصِرِ، وَحِيْنَ رُتِّبَ الْحَرِيْرِيُّ - مَعَ كَمَالِ فَضْلِهِ - فِي دِيْوَانِ