وَلَمَّا كَانَتِ الِاسْتِعَارَةُ بِالْكِنَايَةِ وَالِاسْتِعَارَةُ التَّخْيِيْلِيَّةُ أَمْرَيْنِ مَعْنَوِيَّيْنِ غَيْرَ دَاخِلَيْنِ فِيْ تَعْرِيْفِ الْمَجَازِ أَوْرَدَ لَهُمَا الْقَزْوِيْنِيُّ فِي التَّلْخِيْصِ فَصْلاً عَلَى حِدَةٍ (?)؛ لِيَسْتَوْفِيَ الْمَعَانِيَ الَّتِيْ يُطْلَقُ عَلَيْهَا لَفْظُ الِاسْتِعَارَةِ، وَلَا بَأْسَ بِذِكْرِهِمَا هُنَا؛ تَبَعاً لَهُ، فَنَقُوْلُ:
اِعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ يُضْمَرُ التَّشْبِيْهُ فِي النَّفْسِ، فَلا يُصَرَّحُ بِشَيْءٍ مِنْ أَرْكَانِهِ، سِوَى الْمُشَبَّهِ، وَيُدَلُّ عَلَيْهِ - أَيْ عَلَى ذَلِكَ التَّشْبِيْهِ الْمُضْمَرِ فِي النَّفْسِ - بِأَنْ يُثْبَتَ لِلْمُشَبَّهِ أَمْرٌ (?) مُخْتَصٌّ بِالْمُشَبَّهِ بِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُوْنَ هُنَاكَ أَمْرٌ مُتَحَقِّقٌ حِسّاً أَوْ عَقْلاً يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ ذَلِكَ الْأَمْرِ، فَيُسَمَّى التَّشْبِيْهُ الْمُضْمَرُ فِي النَّفْسِ اسْتِعَارَةً بِالْكِنَايَةِ أَوْ مَكْنِيّاً عَنْهَا.
أَمَّا الْكِنَايَةُ: فَلِأَنَّهُ لَمْ يُصَرَّحْ بِهِ، وَإِنَّمَا دُلَّ عَلَيْهِ؛ بِذِكْرِ خَوَاصِّهِ وَلَوَازِمِهِ. وَأَمَّا الِاسْتِعَارَةُ: فَمُجَرَّدُ تَسْمِيَةٍ.
وَيُسَمَّى إِثْبَاتُ ذَلِكَ الْأَمْرِ - الْمُخْتَصِّ بِالْمُشَبَّهِ بِهِ - لِلْمُشَبَّهِ اسْتِعَارَةً تَخْيِيْلِيَّةً؛ لِأَنَّهُ قَدِ اسْتُعِيْرَ لِلْمُشَبَّهِ ذَلِكَ الْأَمْرُ الَّذِيْ يَخُصُّ الْمُشَبَّهَ بِهِ، وَبِهِ يَكُوْنُ كَمَالُ الْمُشَبَّهِ بِهِ، وَقِوَامُهُ فِيْ وَجْهِ الشَّبَهِ؛ لِيُخَيَّلَ أَنَّ الْمُشَبَّهَ مِنْ جِنْسِ الْمُشَبَّهِ بِهِ؛ كَمَا فِيْ قَوْلِ الْهُذَلِيِّ (?): [الكامل]
وَإِذَا الْمَنِيَّةُ أَنْشَبَتْ أَظْفَارَهَا ... أَلْفَيْتَ كُلَّ تَمِيْمَةٍ لَا تَنْفَعُ (?)
التَّمِيْمَةُ: الْخَرَزَةُ الَّتِيْ تُجْعَلُ مَعَاذَةً.