وَالْحَذْفُ: أَيْ حَذْفُ الْمَفْعُوْلِ مِنَ اللَّفْظِ الْمُقَدَّرِ بَعْدَ قَابِلِيَّةِ الْمَقَامِ - أَيْ وُجُوْدِ الْقَرِيْنَةِ - إِمَّا أَنْ يَكُوْنَ

لِلْبَيَانِ فِيْمَا أُبْهِمَا: كَمَا فِيْ فِعْلِ الْمَشِيْئَةِ وَالْإِرَادَةِ وَنَحْوِهِمَا؛ إِذَا وَقَعَ شَرْطاً فَإِنَّ الْجَوَابَ يَدُلُّ عَلِيْهِ وَيُبَيِّنُهُ، لَكِنَّهُ إِنَّمَا يُحْذَفُ مَا لَمْ يَكُنْ تَعَلُّقُهُ بِهِ - أَيْ تَعَلُّقُ فِعْلِ الْمَشِيْئَةِ بِالْمَفْعُوْلِ - غَرِيْباً؛ نَحْوُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [الأنعام: 149] أَيْ: لَوْ شَاءَ هِدَايَتَكُمْ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِيْنَ، فَإِنَّهُ لَمَّا قِيْلَ: (لَوْ شَاءَ) عَلِمَ السَّامِعُ أَنَّ هُنَاكَ شيْئاً عُلِّقَتِ الْمَشِيْئَةُ عَلَيْهِ، لَكِنَّهُ مُبْهَمٌ، فَإِذَا جِيْءَ بِجَوَابِ الشَّرْطِ صَارَ مُبَيَّناً، وَهَذَا أَوْقَعُ فِي النَّفْسِ.

بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَ تَعَلُّقُ الْمَشِيْئَةِ بِهِ غَرِيْباً؛ فَإِنَّهُ لَا يُحْذَفُ حِيْنَئِذٍ؛ كَقَوْلِهِ: [الطّويل]

وَلَوْ شِئْتُ أَنْ أَبْكِيْ دَماً لَبَكَيْتُهُ ... عَلَيْهِ، وَلَكِنْ سَاحَةُ الصَّبْرِ أَوْسَعُ (?)

فَإِنَّ تَعَلُّقَ فِعْلِ الْمَشِيْئَةِ بِبُكَاءِ الدَّمِ غَرِيْبٌ؛ فَذَكَرَهُ؛ لِيَتَقَرَّرَ فِيْ نَفْسِ السَّامِعِ وَيَأْنَسَ بِهِ.

* * *

48 - أَوْ لِمَجِيْءِ الْذِّكْرِ، أَوْ لِرَدِّ ... تَوَهُّمِ السَّامِعِ غَيْرَ الْقَصْد

أَوْ: يَكُوْنَ

لِمَجِيْءِ الْذِّكْرِ: أَيْ ذِكْرِ الْمَفْعُوْلِ ثَانِياً عَلَى وَجْهٍ يَتَضَمَّنُ إِيْقَاعَ الْفِعْلِ عَلَى صَرِيْحِ لَفْظِهِ لَا عَلَى الضَّمِيْرِ الْعَائِدِ إِلَيْهِ؛ إِظْهَاراً لِكَمَالِ الْعِنَايَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015