بِهِ سِوَى الصِّلَةِ؛ كَقَوْلِكَ: (الَّذِيْ كَانَ مَعَنَا أَمْسِ رَجْلٌ عَالِمٌ). وَإِنَّمَا خُصَّ الْجَهْلُ بِالْمُخَاطَبِ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَكُوْنُ لِلْمُتَكَلِّمِ أَوْ لِكِلَيْهِمَا عِلْمٌ بِغَيْرِ الصِّلَةِ؛ نَحوُ: (الَّذِيْنَ فِيْ بِلَادِ الْمَشْرِقِ لَا أَعْرِفُهُمْ، أَوْ لَا نَعْرِفُهُمْ) = قَلِيْلُ الْجَدْوَى، وَوُقُوْعُهُ نَادِرٌ.

وَالتَّعْظِيمِ لِلشَّأْنِ: أَيْ شَأْنِ الْخَبَرِ عَلَى وَجْهِ الْإِيْمَاءِ؛ كَقَوْلِهِ: [الكامل]

إِنَّ الَّذِيْ سَمَكَ السَّمَاءَ بَنَى لَنَا ... بَيْتاً دَعَائِمُهُ أَعَزُّ وَأَطْوَلُ (?)

فَفِيْ قَوْلِهِ: (إِنَّ الّذِيْ سَمَكَ السَّمَاءَ) إِيْمَاءٌ إِلَى أَنَّ الْخَبَرَ الْمَبْنِيَّ عَلَيْهِ أَمْرٌ مِنْ جِنْسِ الرِّفْعَةِ وَالْبِنَاءِ عِنْدَ مَنْ لَهُ ذَوْقٌ سَلِيْمٌ، ثُمَّ فِيْهِ تَعْرِيْضٌ بِتَعْظِيْمِ بِنَاءِ بَيْتِهِ؛ لِكَوْنِهِ فِعْلَ مَنْ رَفَعَ السَّمَاءَ الّتِيْ لَا بِنَاءَ أَعْظَمُ مِنْهَا وَأَرْفَعُ.

أَوْ شَأْنِ غَيْرِهِ، أَيْ: غَيْرِ الْخَبَرِ، نَحْوُ: {الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 92] فَفِيْهِ إِيْمَاءٌ إِلَى أَنَّ الْخَبَرَ الْمَبْنِيَّ عَلَيْهِ مِمَّا يُنْبِئُ عَنِ الْخَيْبَةِ وَالْخُسْرَانِ، وَتَعْظِيْمٌ لِشَأْنِ شُعَيْبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

وَالْإِيْمَاءِ: أَيِ الْإِشَارَةِ. أَيْ تَعْرِيْفِ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ بِالْمَوْصُوْلِيَّةِ؛ لِلْإِشَارَةِ إِلَى طَرِيْقِ بِنَاءِ الْخَبَرِ. يَعْنِيْ: تَأْتِيْ بِالْمَوْصُوْلِ وَالصِّلَةِ؛ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ بِنَاءَ الْخَبَرِ عَلِيْهِ، مِنْ أَيِّ وَجْهٍ وَأَيِّ طَرِيْقٍ مِنَ الثَّوَابِ، وَالْعِقَابِ، وَالْمَدْحِ، وَالذَّمِّ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، نَحْوُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} [غافر: 60]؛ فَإِنَّ فِيْهَ إِيْمَاءً إِلَى أَنَّ الْخَبَرَ الْمَبْنِيَّ عَلَيْهِ أَمْرٌ مِنْ جِنْسِ الْعِقَابِ وَالْإِذْلَالِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: {سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60] (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015