فَهَذَا الْكَلَامُ (?) يُلَوِّحُ بِالْخَبَرِ تَلْوِيْحاً [مَّا] (?)، وَيُشْعِرُ بِأَنَّهُ قَدْ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْعَذَابُ، فَصَارَ الْمَقَامُ مَقَامَ أَنْ يَتَرَدَّدَ الْمُخَاطَبُ فِيْ أَنَّهُمْ هَلْ صَارُوا مَحْكُوْماً عَلَيْهِمْ بِالْإِغْرَاقِ أَمْ لَا؟ فَقِيْلَ: {إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ} [هود: 37]، مُؤَكَّداً؛ أَيْ: مَحْكُوْماً عَلَيْهِمْ بِالْإِغْرَاقِ.

2 - وَيُجْعَلُ غَيْرُ الْمُنْكِرِ كالْمُنْكِرِ: إِذَا لَاحَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَمَارَاتِ الْإِنْكَارِ؛ نَحْوُ: [السّريع]

جَاءَ شَقِيْقٌ عَارِضاً رُمْحَهُ ... إِنَّ بَنِيْ عَمِّكَ فِيْهِمْ رِمَاحْ (?)

فَهُوَ لَا يُنْكِرُ أَنَّ فِيْ بَنِيْ عَمِّهِ رِمَاحاً، لَكِنْ مَجِيْئُهُ وَاضِعاً الرُّمْحَ عَلَى الْعَرْضِ مِنْ غَيْرِ الْتِفَاتٍ وَتَهَيُّؤٍ أَمَارَةٌ أَنَّهُ يَعْتَقِدُ أَنْ لَا رُمْحَ فِيْهِمْ، بَلْ كُلُّهُمْ عُزْلٌ، لَا سِلَاحَ مَعَهُمْ، فَنُزِّلَ مَنْزِلَةَ الْمُنْكِرِ، وَخُوْطِبَ خِطَابَ الْتِفَاتٍ بِقَوْلِهِ: (إِنَّ بَنِيْ عَمِّكَ فِيْهِمْ رِمَاحُ)؛ مُؤَكَّداً.

3 - وَيُجْعَلُ [عَيْنُ] (?) الْمُنْكِرُ كَغَيْرِ الْمُنْكِرِ: إِذَا كَانَ مَعَ الْمُنْكِرِ شَيْءٌ مِنَ الدَّلِيْلِ (?) وَالشَّوَاهِدِ، إِنْ تَأَمَّلَ الْمُنْكِرُ ذَلِكَ الشَّيْءَ ارْتَدَعَ عَنْ إِنْكَارِهِ.

وَمَعْنَى كَوْنِهِ مَعَهُ: أَنْ يَكُوْنَ مَعْلُوْماً لَهُ، مُشَاهَداً عِنْدَهُ؛ كَمَا تَقُوْلُ لِمُنْكِرِ الْإِسْلَامِ: (الْإِسْلَامُ حَقٌّ)، مِنْ غَيْرِ تَأْكِيْدٍ؛ لِأَنَّ مَعَ ذَلِكَ الْمُنْكِرِ دَلَائِلَ دَالَّةً عَلَى حَقِيْقَةِ الْإِسْلَامِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015