الباب الثاني في بيان أحكام الهبة ويشتمل على فصلين

الفصل الأول في حق الرجوع عن الهبة

[الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْهِبَةِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى فَصْلَيْنِ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي حَقِّ الرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَةِ]

الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْهِبَةِ:

وَيَشْتَمِلُ عَلَى فَصْلَيْنِ:

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ

فِي حَقِّ الرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَةِ يَعْنِي سَيُبَيَّنُ فِي هَذَا الْفَصْلِ الْمَسَائِلُ الَّتِي يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهَا عَنْ الْهِبَةِ وَاَلَّتِي لَا يَجُوزُ.

وَلَفْظُ الْهِبَةِ الَّذِي فِي هَذَا الْعُنْوَانِ بِمَعْنَى الْمَوْهُوبِ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ إنَّمَا يَكُونُ فِي حَقِّ الْأَعْيَانِ وَلَا يَكُونُ فِي حَقِّ الْأَلْفَاظِ (أَبُو السُّعُودِ) وَقَدْ تَبَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (833) أَنَّ الْهِبَةَ تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الْمَوْهُوبِ. وَبِمَا أَنَّ الْهَدِيَّةَ تَدْخُلُ فِي الْهِبَةِ أَيْضًا فَلِلْمُهْدِي الرُّجُوعُ عَنْ الْهَدِيَّةِ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ فِيهَا عَنْ الْهِبَةِ (الْقُهُسْتَانِيُّ) .

وَبِمَا أَنَّ الرُّجُوعَ عَنْ الصَّدَقَةِ غَيْرُ جَائِزٍ فَتَعْبِيرُ الْهِبَةِ هُنَا لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الصَّدَقَةِ كَمَا أَنَّ الْهِبَةَ الْمَقْصُودَةَ هُنَا هِيَ الْهِبَةُ لِلْغَنِيِّ أَمَّا الْهِبَةُ الَّتِي تَكُونُ لِلْفَقِيرِ فِيمَا أَنَّهَا صَدَقَةٌ فَلَا يُمْكِنُ الرُّجُوعُ عَنْهَا أَيْضًا.

وَالرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا كَمَا سَيُذْكَرُ فِيمَا سَيَأْتِي فَفَضْلًا عَنْ أَنَّهُ دَنَاءَةٌ فَهُوَ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةً تَحْرِيمِيَّةً (التَّنْوِيرُ، الْقُهُسْتَانِيُّ) . وَعِنْدَ الْبَعْضِ الْآخَرِ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةً تَنْزِيهِيَّةً وَالْكَرَاهَةُ التَّنْزِيهِيَّةُ أَخَفُّ مِنْ الْكَرَاهَةِ التَّحْرِيمِيَّةِ وَهِيَ مِنْ قَبِيلِ الْمُبَاحِ أَوْ قَرِيبَةٌ مِنْهُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) .

(الْمَادَّةُ 861) - (يَمْلِكُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِالْقَبْضِ الْمَوْهُوبَ) .

يَمْلِكُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِطَرِيقِ الْهِبَةِ الْمَوْهُوبَ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَقَبْضُ الْمَوْهُوبِ بِالذَّاتِ أَوْ بِوَاسِطَةِ نَائِبِهِ مِلْكًا غَيْرَ لَازِمٍ (الْهِدَايَةُ) فَإِذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَاحِدًا مَلَكَهُ مُسْتَقِلًّا وَإِذَا كَانَ مُتَعَدِّدًا فَيَمْلِكُونَهُ بِالِاشْتِرَاكِ وَهَذَا الْمِلْكُ لَيْسَ مُسْتَحِقَّ السَّلَامَةِ. مَثَلًا: لَوْ قَالَ أَحَدٌ خِطَابًا لِاثْنَيْنِ: قَدْ وَهَبْتُكُمَا هَذَا الْمَالَ وَسَلَّمَهُمَا إيَّاهُ وَاتَّهَبَهُ الْآخَرَانِ وَتَسَلَّمَاهُ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُمَا مَالِكَيْنِ لَهُ مُنَاصَفَةً. لَكِنْ يَلْزَمُ وُجُودُ الشَّرَائِطِ الْآتِيَةِ فِي ثُبُوتِ الْمِلْكِ فِيهِ.

1 - كَوْنُ الْمَوْهُوبِ مُحْرَزًا يَعْنِي كَوْنَهُ مُفْرَزًا عَنْ مِلْكِ الْوَاهِبِ وَحُقُوقِهِ 2 - كَوْنُ الْمَوْهُوبِ غَيْرَ مَشْغُولٍ بِمِلْكِ الْوَاهِبِ 3 - أَلَّا تَكُونَ الْهِبَةُ بِطَرِيقِ الْمُوَاضَعَةِ 4 - كَوْنُ الْقَبْضِ الْمَذْكُورِ قَبْضًا كَامِلًا يَعْنِي يُشْتَرَطُ أَلَّا يَكُونَ الْمَوْهُوبُ الْقَابِلُ الْقِسْمَةِ مُشَاعًا وَقْتَ الْقَبْضِ كَمَا ذُكِرَتْ التَّفْصِيلَاتُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (858) وَقَرِيبًا تُوَضَّحُ الْمُوَاضَعَةُ أَيْضًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015