الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِعَقْدِ الْإِعَارَةِ:
وَشُرُوطُهَا لِلْإِعَارَةِ أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ: (1) الصِّيغَةُ (2) الْمُعِيرُ (3) الْمُسْتَعِيرُ (4) الْمُعَارُ.
الْأَنْوَاعُ الْأَرْبَعَةُ لِشُرُوطِ الْإِعَارَةِ.
إنَّ شُرُوطَ الْإِعَارَةِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ: أَوَّلُهَا تَعُودُ إلَى الْمُسْتَعَارِ وَثَانِيهَا إلَى الْمُعِيرِ وَثَالِثُهَا إلَى الْمُسْتَعِيرِ وَرَابِعُهَا إلَى الْقَبْضِ وَعَلَيْهِ فَقَدْ ذُكِرَ النَّوْعُ الْأَوَّلُ فِي الْمَادَّتَيْنِ (808 و 818) وَالثَّالِثُ فِي الْمَادَّةِ (809) وَالرَّابِعُ فِي الْمَادَّةِ (810) .
وَلَمَّا كَانَتْ الْمَادَّتَانِ (806 و 807) لَيْسَتَا مِنْ الْمَسَائِلِ الدَّاخِلَةِ تَحْتَ هَذَا الْعُنْوَانِ فَقَدْ كَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ تَأْتِيَ تَحْتَ عُنْوَانِ الْفَصْلِ الثَّانِي. (الْمَادَّةُ 804) :
الْإِعَارَةُ تَنْعَقِدُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَبِالتَّعَاطِي مَثَلًا لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: أَعَرْتُك مَالِي هَذَا، أَوْ قَالَ: أَعْطَيْتُك إيَّاهُ عَارِيَّةً، فَقَالَ الْآخَرُ قَبِلْت أَوْ قَبَضَهُ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا أَوْ قَالَ رَجُلٌ لِإِنْسَانٍ: أَعْطِنِي هَذَا الْمَالَ عَارِيَّةً، فَأَعْطَاهُ إيَّاهُ انْعَقَدَتْ الْإِعَارَةُ.
وَقَدْ مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّتَيْنِ (101 وَ 102) مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ الْمَادَّتَيْنِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ بِأَلْفَاظٍ خَاصَّةٍ. بِنَاءً عَلَيْهِ فَذِكْرُ كَلِمَةِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَالتَّعَاطِي فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لَا يَكُونُ مُسْتَدْرَكًا وَحِينَئِذٍ يَكُونُ رُكْنُ الْإِعَارَةِ عِبَارَةً عَنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَالتَّعَاطِي اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (149) .
الْأَحْكَامُ الْمُسْتَفَادَةُ: وَيُسْتَفَادُ ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ بِذِكْرِ كَوْنِ الْإِعَارَةِ تَنْعَقِدُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ:
الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: لَا تَنْعَقِدُ الْإِعَارَةُ بِلَا إيجَابٍ وَلَا قَبُولٍ. وَعَلَيْهِ لَوْ أَرْسَلَ أَحَدٌ رَسُولًا لِآخَرَ لِاسْتِعَارَةِ مَالٍ مِنْهُ فَذَهَبَ إلَيْهِ الرَّسُولُ وَلَمَّا لَمْ يَجِدْهُ فِي بَيْتِهِ احْتَمَلَ مَا جَاءَ لِاسْتِعَارَتِهِ وَقَفَلَ إلَى مُرْسَلِهِ وَسَلَّمَهُ ذَلِكَ الْمَالَ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، وَتَلِفَ ذَلِكَ الْمَالُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ فَصَاحِبُ الْمَالِ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الرَّسُولَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الرَّجُلَ الَّذِي قَبَضَ الْمَالَ مِنْ الرَّسُولِ وَأَيٌّ مِنْهُمَا ضَمِنَ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْآخَرِ اُنْظُرْ مَادَّتَيْ (891) وَ (658) وَشَرْحَهُمَا.
الْحُكْمُ الثَّانِي لَا تَنْعَقِدُ الْإِعَارَةُ بِالْإِيجَابِ فَقَطْ. وَلَوْ كَانَ الْمُوجِبُ هُوَ الْمُعِيرُ وَيُشْتَرَطُ اسْتِمَاعُ الْمُسْتَعِيرِ لِإِعَارَتِهِ الْمَالَ.