فِي إثْبَاتِهِمَا.
(وَذَكَرَ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَكَتَبَ بِهَا (اسْمَهُ) أَيْ اسْمَ الْقَاضِي الْكَاتِبِ (وَنَسَبَهُ وَاسْمَ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ وَنَسَبَهُ وَأَسْمَاءَ الشُّهُودِ وَأَنْسَابَهُمْ وَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَهِدَ غِبَّ الدَّعْوَى الصَّادِرَةِ عَنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ) وَلَا يَصِحُّ الِاقْتِصَارُ عَلَى قَوْلِهِ غِبَّ الدَّعْوَى وَلَا يَكْفِي أَنْ يَكْتُبَ عَمَّنْ لَهُ ذَلِكَ.
(وَ) غِبَّ (الِاسْتِشْهَادِ) حَتَّى إذَا شَهِدَ شَاهِدٌ قَبْلَ الِاسْتِشْهَادِ لَا يُقْبَلُ (شَهَادَةٌ صَحِيحَةٌ مُتَّفِقَةُ اللَّفْظِ، وَالْمَعْنَى) قَدْ مَرَّ فِي كِتَابِ الشَّهَادَةِ بَيَانُ الْمُرَادِ بِالِاتِّفَاقِ لَفْظًا وَمَعْنًى (وَقَرَأَهُ) أَيْ الْقَاضِي الْكَاتِبُ (عَلَى مَنْ أَشْهَدَهُمْ) لِيَعْرِفُوا مَا فِيهِ (أَوْ يُعْلِمَهُمْ بِهِ) إنْ لَمْ يَقْرَأْ عَلَيْهِمْ إذْ لَا شَهَادَةَ بِلَا عِلْمٍ (وَكَتَبَ أَسْمَاءَهُمْ وَأَنْسَابَهُمْ) أَيْ أَسْمَاءَ شُهُودِ الطَّرِيقِ وَأَنْسَابَهُمْ (فِيهِ) أَيْ فِي الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ فَإِنَّ كَوْنَهُ كِتَابَ الْقَاضِي لَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ شَهَادَتِهِمْ بِدُونِ الْكِتَابَةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ (وَ) كَتَبَ (تَارِيخَ الْكِتَابِ) وَلَوْ لَمْ يَكْتُبْ فِيهِ التَّارِيخَ لَا يَقْبَلُهُ، وَإِنْ كَتَبَ يُنْظَرُ هَلْ هُوَ كَانَ قَاضِيًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَمْ لَا وَلَا يَكْتَفِي بِالشَّهَادَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَكْتُوبًا (وَخَتَمَهُ عِنْدَهُمْ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِمْ) لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ التَّغْيِيرُ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ إذْ عِنْدَهُمَا عِلْمُ الشُّهُودِ بِمَا فِي الْكِتَابِ شَرْطُ جَوَازِ الْقَضَاءِ بِهِ (وَأَبُو يُوسُفَ لَمْ يَشْتَرِطْ ذِكْرَ اسْمِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ وَنَسَبِهِ) بَلْ جَوَّزَ أَنْ يَكْتُبَ ابْتِدَاءً إلَى كُلِّ مَنْ يَصِلُ إلَيْهِ كِتَابِي هَذَا مِنْ الْقُضَاةِ (وَلَا الْقِرَاءَةَ عَلَيْهِمْ وَخَتَمَهُ) فَسَهُلَ فِي ذَلِكَ حِينَ اُبْتُلِيَ بِالْقَضَاءِ وَلَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ (وَعَلَيْهِ الْمُتَأَخِّرُونَ)
تَوْسِعَةً عَلَى النَّاسِ
فَالْحَاصِلُ أَنَّ سِجِلَّ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الْحُكْمِ وَكِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي الَّذِي هُوَ نَقْلُ الشَّهَادَةِ لَا يَكُونُ إلَّا قَبْلَ الْحُكْمِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْكِتَابُ مِنْ مَعْلُومٍ إلَى مَعْلُومٍ فِي مَعْلُومٍ أَيْ الْمُدَّعَى الْمَعْلُومِ أَيْ الْمُدَّعِي عَلَى مَعْلُومٍ أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَالْقِيَاسُ يَأْبَى جَوَازَ الْعَمَلِ بِكِتَابِ الْقَاضِي لِأَنَّ كِتَابَهُ لَا يَكُونُ أَقْوَى مِنْ خِطَابِهِ وَلَوْ حَضَرَ بِنَفْسِهِ مَجْلِسَ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ وَعَبَّرَ بِلِسَانِهِ مَا فِي الْكِتَابِ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ الْقَاضِي لِأَنَّهُ صَارَ وَاحِدًا مِنْ الرَّعَايَا فَكَذَا إذَا كَتَبَ إلَيْهِ لَكِنَّهُ جُوِّزَ فِيمَا يَثْبُتُ بِالشُّبُهَاتِ
لِحَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهِ
إذْ قَدْ يَكُونُ الشَّاهِدُ لِلْمَرْءِ عَلَى حَقِّهِ فِي بَلْدَةٍ، وَخَصْمُهُ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى فَيَتَعَذَّرُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِمَا إذْ أَكْثَرُ النَّاسِ يَعْجَزُونَ عَنْ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا فَيُحْتَاجُ إلَى نَقْلِ الشَّهَادَةِ بِالْكِتَابِ إلَى مَجْلِسِ ذَلِكَ الْقَاضِي.
(لَا يُقْبَلُ) أَيْ نَقْلُ الشَّهَادَةِ (إلَّا مِنْ) قَاضٍ (مُوَلًّى) مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ احْتِرَازًا عَنْ الْمُحَكَّمِ (وَيَمْلِكُ الْجُمُعَةَ) أَيْ يَقْدِرُ عَلَى إقَامَةِ الْجُمُعَةِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْ قَاضِي رُسْتَاقٍ.
(وَلَا يَجُوزُ كَوْنُ شُهُودِ الطَّرِيقِ كُفَّارًا وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَافِرًا) لِأَنَّ شَهَادَتَهُمْ مُلْزِمَةٌ لِلْحُكْمِ عَلَى الْقَاضِي فَتَكُونُ حُجَّةً عَلَيْهِ وَلَا عِبْرَةَ بِالْخَصْمِ.
(ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ مَالًا وَأَرَادَ أَنْ يَبْعَثَ وَكِيلَهُ) لِتَحْصِيلِهِ (اسْتَحْلَفَهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (الْقَاضِيَ) بِأَنَّك (مَا قَبَضْته كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَمَا أَبْرَأْت ذِمَّتَهُ وَمَا تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولًا أَوْ وَكِيلًا لَك قَبَضَ مِنْهُ) لِأَنَّ ذَلِكَ الْغَائِبَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَدَّعِيَ بَعْدَ وُصُولِ الْكِتَابِ إلَيْهِ أَنَّهُ ادَّعَى ذَلِكَ الْمَالَ إلَيْهِ وَلَا يَكُونُ لَهُ بَيِّنَةٌ فَحِينَئِذٍ يَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي فَإِذَا حَلَفَ قِيلَ يَنْدَفِعُ ذَلِكَ وَتَقْصُرُ الْمَسَافَةُ.
(فَإِنْ انْقَطَعَ الشُّهُودُ) أَيْ شُهُودُ الطَّرِيقِ وَلَمْ يَصِلُوا إلَى الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ (أَوْ وَصَلُوا إلَى الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ وَوُجِدَ الْخَصْمُ فِي وِلَايَةِ قَاضٍ آخَرَ) أَشْهَدَا عَلَى شَهَادَتِهِمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ شَهِدَ غِبَّ الدَّعْوَى) أَيْ بَعْدَ الدَّعْوَى.
(قَوْلُهُ لَا يُقْبَلُ أَيْ نَقْلُ الشَّهَادَةِ إلَّا مِنْ قَاضٍ. . . إلَخْ)
قَالَ الْكَمَالِ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ بَعْدَ عَدَالَةِ شُهُودِ الْأَصْلِ، وَالْكِتَابِ لَا فَرْقَ أَيْ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَاضِي رُسْتَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ