فَلَا يَشْتَغِلُ بِالتَّوْفِيقِ.
(وَ) بِخِلَافِ (الْغَصْبِ) لِأَنَّهُ يَقَعُ فِي النَّهَارِ غَالِبًا فَيَتَمَكَّنُ الشَّاهِدُ مِنْ الْقُرْبِ مِنْ الْغَاصِبِ فَيَتَأَمَّلُ فِي جَمِيعِ أَلْوَانِ الْمَغْصُوبِ فَلَا يَشْتَغِلُ بِالتَّوْفِيقِ
(مِلْكُ الْمُورِثِ لَا يَقْضِي لِوَارِثِهِ بِلَا جَرِّ الشَّاهِدَيْنِ) وَبَيَّنَ مَعْنَى الْجَرِّ بِقَوْلِهِ (بِقَوْلِهِمَا مَاتَ وَتَرَكَهُ مِيرَاثًا لَهُ أَوْ وَذَا مِلْكُهُ أَوْ فِي يَدِهِ) اعْلَمْ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الشَّهَادَةَ بِالْمِيرَاثِ هَلْ تَحْتَاجُ إلَى الْجَرِّ وَالنَّقْلِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ مَا ذُكِرَ فِي الْمَتْنِ أَوَّلًا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَا بُدَّ مِنْهُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَهُوَ يَقُولُ إنَّ مِلْكَ الْمُورِثِ مِلْكُ الْوَارِثِ لِكَوْنِ الْوِرَاثَةِ خِلَافَةً وَلِهَذَا يُرَدُّ بِالْعَيْبِ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ بِهِ فَصَارَتْ الشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ لِلْمُورِثِ شَهَادَةً بِهِ لِلْوَارِثِ وَهُمَا يَقُولَانِ مِلْكُ الْوَارِثِ يَتَجَدَّدُ فِي حَقِّ الْعَيْنِ وَلِهَذَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ فِي الْجَارِيَةِ الْمَوْرُوثَةِ وَيَحِلُّ لِلْوَارِثِ الْغَنِيِّ مَا كَانَ صَدَقَةً عَلَى الْمُورِثِ الْفَقِيرِ، وَالْمُتَجَدِّدُ يَحْتَاجُ إلَى النَّقْلِ لِئَلَّا يَكُونَ اسْتِصْحَابُ الْحَالِ مُثْبِتًا لَكِنْ يُكْتَفَى بِالشَّهَادَةِ عَلَى قِيَامِ مِلْكِ الْمُورِثِ وَقْتَ الْمَوْتِ لِثُبُوتِ الِانْتِقَالِ حِينَئِذٍ ضَرُورَةً وَكَذَا الشَّهَادَةُ عَلَى قِيَامِ يَدِهِ لِأَنَّ الْأَيْدِيَ عِنْدَ الْمَوْتِ تَنْقَلِبُ يَدَ مِلْكٍ بِوَاسِطَةِ الضَّمَانِ إذْ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْمُسْلِمِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَنْ يُسَوِّيَ أَسْبَابَهُ وَيُبَيِّنَ مَا كَانَ بِيَدِهِ مِنْ الْمَغْصُوبِ وَالْوَدَائِعِ فَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ فَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ أَنَّ مَا فِي يَدِهِ مِلْكُهُ فَجَعَلَ الْيَدَ عِنْدَ الْمَوْتِ دَلِيلَ الْمِلْكِ
(كَذَا) أَيْ كَالْجَرِّ فِي إفَادَةِ فَائِدَتِهِ (قَوْلُهُمَا) أَيْ الشَّاهِدَيْنِ (كَانَ) أَيْ مَا يَدَّعِيهِ هَذَا الْوَارِثُ (لِأَبِيهِ أَعَارَهُ أَوْ أَوْدَعَهُ أَوْ آجَرَهُ ذَا الْيَدِ) يَعْنِي إذَا مَاتَ رَجُلٌ فَأَقَامَ وَارِثُهُ بَيِّنَةً عَلَى دَارٍ أَنَّهَا كَانَتْ لِأَبِيهِ وَأَعَارَهَا أَوْ أَوْدَعَهَا الَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا وَلَا يُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ بِالِاتِّفَاقِ أَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَلِأَنَّهُ لَا يُوجِبَ الْجَرَّ فِي الشَّهَادَةِ وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَلِأَنَّ قِيَامَ الْيَدِ عِنْدَ الْمَوْتِ يُغْنِي عَنْ الْجَرِّ وَقَدْ وُجِدَتْ لِأَنَّ يَدَ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُودَعِ يَدُ الْمُعِيرِ وَالْمُودِعِ
(شَهِدَا بِيَدِ حَيٍّ مُنْذُ كَذَا رُدَّتْ) يَعْنِي إذَا كَانَتْ دَارٌ فِي يَدِ رَجُلٍ فَادَّعَى آخَرُ أَنَّهَا وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهَا كَانَتْ فِي يَدِهِ مُنْذُ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ لَمْ تُقْبَلْ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهَا تُقْبَلُ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ بِإِقْرَارِ الْخَصْمِ وَلَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهِ دُفِعَتْ إلَى الْمُدَّعِي اتِّفَاقًا وَلَهُمَا أَنَّ هَذِهِ شَهَادَةٌ قَامَتْ عَلَى مَجْهُولٍ وَهُوَ الْيَدُ فَإِنَّهَا الْآنَ مُنْقَطِعَةٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا كَانَتْ يَدَ مِلْكٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ غَصْبٍ فَلَا يُحْكَمُ بِإِعَادَتِهَا بِالشَّكِّ (إلَّا أَنْ يَقُولَا) أَيْ الشَّاهِدَانِ (وَإِنَّهُ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (أَحْدَثَ الْيَدَ فِيهِ فَيَقْتَضِي لَهُ) أَيْ لِلْمُدَّعِي (بِالْيَدِ وَيُؤْمَرُ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ) أَيْ الْمُدَّعِي (لَكِنْ لَا يَصِيرُ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (بِهِ) أَيْ بِزَوَالِ الْيَدِ عَنْهُ (مَقْضِيًّا عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ بِرَهْنٍ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (بَعْدَهُ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ تُقْبَلُ) كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ (وَإِنْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهِ) أَيْ بِكَوْنِهِ فِي يَدِ الْمُدَّعِي (أَوْ شَهِدَا أَنَّهُ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (أَقَرَّ بِيَدِ الْمُدَّعِي) أَيْ بِأَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ (أَوْ) أَقَرَّ (بِمِلْكِهِ أَوْ) شَهِدَا (أَنَّهُ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (أَخَذَهُ مِنْ يَدِهِ) أَيْ الْمُدَّعِي (دَفَعَ إلَى الْمُدَّعِي) كَذَا فِي الْكَافِي
اعْلَمْ أَنَّ جَوَازَهَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسَ لَا يَقْتَضِيهِ لِأَنَّ أَدَاءَهَا عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ لَزِمَتْ الْأَصْلَ لَا حَقَّ لِلْمَشْهُودِ لَهُ لِعَدَمِ الْإِجْبَارِ وَالْإِنَابَةُ لَا تَجْرِي فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ)