الْبَيِّنَتَانِ لِظُهُورِ كَذِبِ الْفَرِيقَيْنِ فَيُتْرَكُ فِي يَدِ مَنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي قَالَ الزَّيْلَعِيُّ الْأَصَحُّ أَنَّهُمَا لَا يَبْطُلَانِ بَلْ يُقْضَى بِهَا بَيْنَهُمَا إنْ كَانَا خَارِجَيْنِ أَوْ كَانَتْ فِي أَيْدِيهِمَا وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا يُقْضَى بِهِ لِذِي الْيَدِ لِأَنَّ اعْتِبَارَ ذِكْرِ الْوَقْتِ لِحَقِّهِمَا وَحَقُّهُمَا هُنَا فِي إسْقَاطِ اعْتِبَارِهِ لِأَنَّ فِي اعْتِبَارِهِ إسْقَاطَ حَقِّهِمَا فَلَا يُعْتَبَرُ فَصَارَ كَأَنَّهُمَا ذَكَرَا النِّتَاجَ مِنْ غَيْرِ تَارِيخٍ وَفِيهِ صَاحِبُ الْيَدِ أَوْلَى إنْ كَانَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا وَإِلَّا فَلَا فَهِيَ بَيْنَهُمَا كَمَا إذَا أَشْكَلَ فِي مُوَافَقَةِ سِنِّهَا أَحَدَ التَّارِيخَيْنِ وَهَكَذَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالْأَوَّلُ ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَلِهَذَا قُلْتُ (كَانَتْ لَهُمَا) يَشْتَرِكَانِ فِيهَا (يُقْضَى بِهَا لَوْ) كَانَ الْمُدَّعِيَانِ (خَارِجَيْنِ أَوْ ذَوِي يَدٍ وَلَوْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا كَانَتْ لَهُ) لِمَا ذُكِرَ
(بَرْهَنَ أَحَدُهُمَا عَلَى غَصْبِ شَيْءٍ وَالْآخَرُ عَلَى إيدَاعِهِ نُصِّفَ) أَيْ إذَا كَانَتْ عَيْنٌ فِي يَدِ رَجُلَيْنِ فَبَرْهَنَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْغَصْبِ وَالْآخَرُ عَلَى الْوَدِيعَةِ يُقْضَى بِهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ تَصِيرُ غَصْبًا بِالْجُحُودِ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ وَلَا يَسْقُطُ بِالرُّجُوعِ إلَى الْوِفَاقِ بِخِلَافِ مَا إذَا خَالَفَ بِالْفِعْلِ بِلَا جُحُودٍ ثُمَّ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَوْضِعِهِ (ادَّعَى الْمِلْكَ فِي الْحَالِ وَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ هَذَا كَانَ مِلْكَهُ تُقْبَلُ) يَعْنِي إذَا ادَّعَى الْمِلْكَ فِي الْحَالِ وَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ هَذَا الْعَيْنَ كَانَ مِلْكَهُ تُقْبَلُ لِأَنَّ شَهَادَتَهُمْ تُثْبِتُ الْمِلْكَ فِي الْحَالِ وَالْمَاضِي وَمَا ثَبَتَ فِي زَمَانٍ يُحْكَمُ بِبَقَائِهِ مَا لَمْ يُوجَدْ الْمُزِيلُ كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ.
(الرَّاكِبُ وَاللَّابِسُ أَوْلَى مِنْ آخِذِ اللِّجَامِ وَالْكُمِّ) أَيْ إذَا تَنَازَعَا فِي دَابَّةٍ أَحَدُهُمَا رَاكِبُهَا وَالْآخَرُ مُتَعَلِّقٌ بِلِجَامِهَا أَوْ تَنَازَعَا فِي ثَوْبٍ أَحَدُهُمَا لَابِسُهُ وَالْآخَرُ مُتَعَلِّقٌ بِكُمِّهِ كَانَ الرَّاكِبُ وَاللَّابِسُ أَوْلَى مِنْ الْمُتَعَلِّقِ بِاللِّجَامِ وَالْكُمِّ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُمَا أَظْهَرُ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْمِلْكِ فَكَانَا صَاحِبَيْ يَدٍ وَالْمُتَعَلِّقُ خَارِجٌ وَذُو الْيَدِ أَوْلَى وَأَمَّا إذَا أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى لِمَا مَرَّ مِرَارًا (وَمِنْ فِي السَّرْجِ) أَوْلَى (مِنْ رَدِيفِهِ) لِأَنَّ تَمَكُّنَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ دَلِيلٌ عَلَى تَقَدُّمِ يَدَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَا رَاكِبَيْنِ عَلَى السَّرْجِ حَيْثُ يَكُونُ بَيْنَهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي التَّصَرُّفِ وَلَوْ تَعَلَّقَ أَحَدُهُمَا بِذَنَبِهَا وَالْآخَرُ مُمْسِكٌ لِلِجَامِهَا كَانَ لِلْمُمْسِكِ إذْ لَا يَمْسِكُ اللِّجَامَ غَالِبًا إلَّا الْمَالِكُ بِخِلَافِ الْمُتَعَلِّقِ بِالذَّنَبِ. (وَذُو حِمْلِهَا أَوْلَى مِنْ مُتَعَلِّقٍ كُوزِهِ) أَيْ إذَا تَنَازَعَا فِي دَابَّةٍ وَعَلَيْهَا حِمْلٌ لِأَحَدِهِمَا وَلِلْآخَرِ كُوزٌ فَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَكْثَرُ تَصَرُّفًا فِيهَا (وَيُنَصَّفُ الْبِسَاطُ بَيْنَ جَالِسِهِ وَالْمُتَعَلِّقِ بِهِ) بِحُكْمِ الِاسْتِوَاءِ بَيْنَهُمَا لَا بِطَرِيقِ الْقَضَاءِ لِأَنَّ الْجُلُوسَ لَيْسَ بِيَدٍ عَلَيْهِ بَلْ الْيَدُ تَكُونُ بِكَوْنِهِ فِي بَيْتِهِ أَوْ نَقْلِهِ مِنْ مَوْضِعِهِ بِخِلَافِ الرُّكُوبِ وَاللُّبْسِ حَيْثُ يَكُونُ بِهِمَا غَاصِبًا لِثُبُوتِ يَدِهِ عَلَيْهِ وَلَا يَصِيرُ غَاصِبًا بِالْقُعُودِ عَلَى الْبِسَاطِ (كَمَنْ مَعَهُ) أَيْ فِي يَدِهِ (ثَوْبٌ وَطَرَفُهُ مَعَ الْآخَرِ) حَيْثُ يُنَصَّفُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ يَدَ كُلٍّ مِنْهُمَا ثَابِتٌ فِيهِ وَإِنْ كَانَ يَدُ أَحَدِهِمَا فِي الْأَكْثَرِ وَلَا يُرَجَّحُ بِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّ التَّرْجِيحَ لَا يَكُونُ بِالْأَكْثَرِيَّةِ (لَا هُدْبَتُهُ) أَيْ لَا يَكُونُ هُدْبَتُهُ مَعَ الْآخَرِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ مَعَهُ لَا يُوجِبُ التَّنْصِيفَ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِثَوْبٍ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَنْسُوجَةٍ فَلَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ شَيْءٍ مِنْ الثَّوْبِ فَلَا يُزَاحِمُ الْآخَرَ (بِخِلَافِ جَالِسَيْ دَارٍ إذَا تَنَازَعَا فِيهَا) حَيْثُ لَا يُقْضَى بِهَا بَيْنَهُمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQإذَا خَالَفَ الْوَقْتَيْنِ فَقَدْ تَيَقَّنَّا بِكَذِبِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَالْتُحِقَتَا بِالْعَدَمِ فَتُرِكَ الْمُدَّعَى فِي يَدِ صَاحِبِ الْيَدِ كَمَا كَانَ اهـ.
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ الْأَصَحُّ عَدَمُ بُطْلَانِ الْبَيِّنَتَيْنِ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا جَمَعَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ وَقَالَ يَجِبُ أَنْ يُزَادَ فَيُقَالُ فَإِنْ كَانَ سِنُّهَا مُخَالِفَ الْوَقْتَيْنِ كَانَتْ مُشْكِلَةً وَكَانَتْ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي السِّرَاجِ اهـ.
وَلَكِنْ عَلَيْهِ تَبْقَى صُورَةُ مُخَالَفَةِ الْوَقْتَيْنِ ضَائِعَةً إذَا لَمْ يَشْتَبِهْ السِّنُّ ثُمَّ لَا يَخْفَى مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّ أَوَّلَهُ ظَاهِرٌ فِي الْمَشْيِ عَلَى مَا فِي الْهِدَايَةِ وَصَرَّحَ آخِرُهُ بِخِلَافٍ مَشْيًا عَلَى مَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَجْعَلَ الْعِبَارَةَ هَكَذَا وَإِنْ خَالَفَ سِنُّهَا الْوَقْتَيْنِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي بَطَلَتْ الْبَيِّنَتَانِ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ الْأَصَحُّ أَنَّهُمَا لَا يَبْطُلَانِ إلَى أَنْ يَقُولَ وَلِهَذَا قُلْتُ كَانَتْ بَيْنَهُمَا يَشْتَرِكَانِ فِيهَا. . . إلَخْ
(قَوْلُهُ ادَّعَى الْمِلْكَ فِي الْحَالِ) لَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ
(قَوْلُهُ وَاللَّابِسُ أَوْلَى) قَالَ الشَّيْخُ قَاسِمٌ فَيُقْضَى لَهُ قَضَاءَ تَرْكٍ لَا اسْتِحْقَاقٍ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ ذَلِكَ يُقْضَى لَهُ (قَوْلُهُ وَمَنْ فِي السَّرْجِ أَوْلَى مِنْ رَدِيفِهِ) نَقَلَ النَّاطِفِيُّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَنْ النَّوَادِرِ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ هِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَا رَاكِبَيْنِ فِي السَّرْجِ فَإِنَّهَا بَيْنَهُمَا قَوْلًا وَاحِدًا كَمَا فِي الْعِنَايَةِ اهـ.
وَيُؤْخَذُ مِنْهُ اشْتِرَاكُهُمَا إذَا لَمْ تَكُنْ مُسَرَّجَةً (قَوْلُهُ وَذُو حَمْلِهَا أَوْلَى مِنْ مُعَلِّقٍ كُوزَهُ) احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ بَعْضُ حَمْلِهَا إذْ لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا مَنٌّ وَلِلْآخَرِ مِائَةُ مَنٍّ كَانَتْ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ جَالِسِي دَارٍ. . . إلَخْ) كَذَا قَالَ فِي الْعِنَايَةِ وَيُخَالِفُهُ مَا فِي الْبَدَائِعِ لَوْ ادَّعَيَا دَارًا وَأَحَدُهُمَا سَاكِنٌ فِيهِمَا فَهِيَ لِلسَّاكِنِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَحْدَثَ فِيهَا شَيْئًا مِنْ بِنَاءٍ أَوْ حَفْرٍ فَهِيَ لِصَاحِبِ الْبِنَاءِ وَالْحَفْرِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَحَدَهُمَا