مُؤَرَّخٍ أَوْ شِرَاءٍ مُؤَرَّخٍ مِنْ وَاحِدٍ غَيْرِ ذِي يَدٍ) احْتَرَزَ بِهَذَا عَمَّا إذَا بَرْهَنَا عَلَى مَا فِي يَدِ آخَرَ كَمَا مَرَّ (أَوْ) بَرْهَنَ (خَارِجٌ عَلَى مِلْكٍ مُطْلَقٍ مُؤَرَّخٍ وَذُو يَدٍ عَلَى مِلْكٍ أَقْدَمَ) تَارِيخًا (فَالسَّابِقُ أَوْلَى) لِأَنَّهُ أَثْبَتَ أَنَّهُ أَوَّلُ الْمَالِكِينَ فَلَا يُتَلَقَّى الْمِلْكُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ (وَلَوْ) بَرْهَنَا (عَلَى شِرَاءٍ مُتَّفِقٍ تَارِيخُهُمَا مِنْ آخَرَ أَوْ وَقَّتَ أَحَدُهُمَا) فَقَطْ (قَضَى لَهُمَا نِصْفَيْنِ) فِي الصُّورَتَيْنِ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُثْبِتُ الْمِلْكَ لِبَائِعِهِ وَمِلْكُ بَائِعِهِ مُطْلَقٌ وَلَا تَارِيخَ فِيهِ فَصَارَ كَمَا إذَا حَضَرَ الْبَائِعَانٍ فَادَّعَيَا الْمِلْكَ بِلَا تَارِيخٍ يَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ تَوْقِيتَ أَحَدِهِمَا لَا يَدُلُّ عَلَى تَقَدُّمِ الْمِلْكِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ أَقْدَمَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ وَاحِدًا لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ لَا يُتَلَقَّى إلَّا مِنْ جِهَتِهِ فَإِذَا أَثْبَتَ أَحَدُهُمَا تَارِيخًا يُحْكَمُ لَهُ بِهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّ غَيْرَهُ تَقَدَّمَهُ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ
(بَرْهَنَ خَارِجٌ عَلَى الْمِلْكِ وَذُو يَدٍ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْهُ) بِأَنْ كَانَ عَبْدٌ مَثَلًا فِي يَدِ زَيْدٍ فَادَّعَاهُ بَكْرٌ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ وَبَرْهَنَ زَيْدٌ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْهُ (فَذُو الْيَدِ أَوْلَى) لِأَنَّ الْخَارِجَ إنْ كَانَ يُثْبِتُ أَوَّلِيَّةَ الْمِلْكِ فَذُو الْيَدِ يَتَلَقَّى الْمِلْكَ مِنْهُ وَلَا تَنَافِي فِيهِ فَصَارَ كَمَا إذَا أَقَرَّ بِالْمِلْكِ لَهُ ثُمَّ ادَّعَى الشِّرَاءَ مِنْهُ (كَذَا إنْ بَرْهَنَ كُلٌّ مِنْ الْخَارِجِ وَذِي الْيَدِ عَلَى النِّتَاجِ وَنَحْوِهِ) وَهُوَ كُلُّ سَبَبٍ لِلْمِلْكِ لَا يَتَكَرَّرُ فَإِنَّهُ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ كَالنَّسْجِ فِي ثِيَابٍ لَا تُنْسَجُ إلَّا مَرَّةً كَنَسِيجِ الثِّيَابِ الْقُطْنِيَّةِ وَغَزْلِ الْقُطْنِ وَحَلْبِ اللَّبَنِ وَاِتِّخَاذِ الْجُبْنِ وَاللِّبَدِ وَالْمِرْعِزَّى وَجَزِّ الصُّوفِ وَنَحْوِهَا، وَإِنْ كَانَ سَبَبًا يَتَكَرَّرُ لَا يَكُونُ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ فَيُقْضَى بِهِ لِلْخَارِجِ كَالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَهُوَ مِثْلُ الْجَزِّ وَالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَزِرَاعَةِ الْحِنْطَةِ وَالْحُبُوبِ فَإِنْ أَشْكَلَ يُرْجَعُ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ لِأَنَّهُمْ أَعْرَفُ بِهِ فَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ قُضِيَ بِهِ لِلْخَارِجِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِبَيِّنَةٍ هُوَ الْأَصْلُ وَالْعُدُولُ عَنْهُ بِحَدِيثِ النِّتَاجِ فَإِذَا لَمْ يُعْلَمْ يُرْجَعُ إلَى الْأَصْلِ (وَلَوْ) كَانَ النِّتَاجُ وَنَحْوُهُ (عِنْدَ بَائِعِهِ) فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إذَا تَلَقَّى الْمِلْكَ مِنْ رَجُلٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى سَبَبِ مِلْكٍ عِنْدَهُ لَا يَتَكَرَّرُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ إقَامَتِهَا عَلَى ذَلِكَ السَّبَبِ عِنْدَ نَفْسِهِ (فَذُو الْيَدِ أَوْلَى) مِنْ الْخَارِجِ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ قَامَتْ عَلَى أَوَّلِيَّةِ مِلْكِهِ فَلَا يَثْبُتُ لِلْخَارِجِ إلَّا بِالتَّلَقِّي عَنْهُ (إلَّا إذَا ادَّعَى الْخَارِجُ عَلَيْهِ فِعْلًا) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ الْحَاصِلُ أَنَّ بَيِّنَةَ ذِي الْيَدِ عَلَى النِّتَاجِ إنَّمَا تَتَرَجَّحُ عَلَى بَيِّنَةِ الْخَارِجِ عَلَى النِّتَاجِ أَوْ عَلَى مُطْلَقِ الْمِلْكِ بِأَنْ ادَّعَى ذُو الْيَدِ النِّتَاجَ وَادَّعَى الْخَارِجُ النِّتَاجَ أَوْ ادَّعَى الْخَارِجُ مِلْكًا مُطْلَقًا إذَا لَمْ يَدَّعِ الْخَارِجُ عَلَى ذِي الْيَدِ فِعْلًا نَحْوَ الْغَصْبِ أَوْ الْوَدِيعَةِ أَوْ الْإِجَارَةِ أَوْ الرَّهْنِ أَوْ الْعَارِيَّةِ أَوْ نَحْوِهَا فَأَمَّا إذَا ادَّعَى الْخَارِجُ فِعْلًا مَعَ ذَلِكَ فَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى وَإِنَّمَا قَالَ (فِي رِوَايَةٍ) لِمَا قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ بَعْدَ نَقْلِ كَلَامِ الذَّخِيرَةِ ذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي بَابِ دَعْوَى النِّتَاجِ مِنْ الْمَبْسُوطِ مَا يُخَالِفُ الْمَذْكُورَ فِي الذَّخِيرَةِ فَقَالَ دَابَّةٌ فِي يَدِ رَجُلٍ أَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهَا دَابَّتُهُ آجَرَهَا مِنْ ذِي الْيَدِ أَوْ أَعَارَهَا مِنْهُ أَوْ رَهَنَهَا إيَّاهُ وَذُو الْيَدِ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهَا دَابَّتُهُ نَتَجَتْ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهَا لِذِي الْيَدِ لِأَنَّهُ يَدَّعِي مِلْكَ النِّتَاجِ وَالْآخَرُ يَدَّعِي الْإِجَارَةَ أَوْ الْإِعَارَةَ وَالنِّتَاجُ أَسْبَقُ مِنْهُمَا فَيُقْضَى لِذِي الْيَدِ وَهَذَا خِلَافُ مَا نُقِلَ عَنْهُ (وَلَوْ) بَرْهَنَ (أَحَدُهُمَا) مِنْ الْخَارِجِ وَذُو الْيَدِ (عَلَى الْمِلْكِ) الْمُطْلَقِ وَالْآخَرُ عَلَى النِّتَاجِ (فَذُو النِّتَاجِ أَوْلَى) لِأَنَّ بُرْهَانَهُ قَامَ عَلَى أَوَّلِيَّةِ الْمِلْكِ فَلَا يَثْبُتُ لِلْآخَرِ إلَّا بِالتَّلَقِّي مِنْهُ.
(بَرْهَنَ كُلٌّ) مِنْ الْخَارِجِ وَذِي الْيَدِ (عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ كَذَا إنْ بَرْهَنَ كُلٌّ مِنْ الْخَارِجِ وَذِي الْيَدِ عَلَى النِّتَاجِ) أَيْ يَكُونُ الْقَضَاءُ بِهَا لِذِي الْيَدِ وَهُوَ الصَّحِيحُ خِلَافًا لِمَا يَقُولُهُ عِيسَى بْنُ أَبَانَ مِنْ تَهَاتُرِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَيَكُونُ لِذِي الْيَدِ لَا عَلَى طَرِيقِ الْقَضَاءِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ وَالْمِرْعِزَّى) إذَا شَدَدْت الزَّايَ قَصَرْت وَإِذَا خَفَّفْت مَدَدْت وَالْمِيمُ وَالْعَيْنُ مَكْسُورَتَانِ وَقَدْ يُقَالُ مَرْعِزَاءُ بِفَتْحِ الْمِيمِ مُخَفَّفًا مَمْدُودًا وَهِيَ كَالصُّوفِ تَحْتَ شَعْرِ الْعَنَزِ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ قَالَهُ قَاضِي زَادَهْ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ النِّتَاجُ وَنَحْوُهُ عِنْدَ بَائِعِهِ) أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ ادِّعَاءِ ذِي الْيَدِ النِّتَاجَ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ بَائِعِهِ فَهُوَ أَحَقُّ مِنْ الْخَارِجِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ) أَيْ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ قَامَتْ عَلَى أَوَّلِيَّةِ مِلْكِهِ فَلَا تَثْبُتُ لِلْخَارِجِ إلَّا بِالتَّلَقِّي مِنْهُ يَعْنِي وَلَمْ يَثْبُتْ تَلَقِّيه وَقَدْ اسْتَوَيَا فِي الْأَوَّلِيَّةِ بِادِّعَاءِ النِّتَاجِ وَتَرَجَّحَ ذُو الْيَدِ بِاسْتِيلَائِهِ لَا بِبَيِّنَتِهِ «لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِالدَّابَّةِ لِذِي الْيَدِ مَعَ إقَامَةِ كُلٍّ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهَا دَابَّتُهُ نَتَجَهَا» اهـ.
وَهَذَا إذَا لَمْ يَذْكُرَا تَارِيخًا كَمَا فِي الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا قَالَ فِي رِوَايَةٍ. . . إلَخْ) عَلَى هَذَا كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فِي قَوْلٍ لَا رِوَايَة
(قَوْلُهُ بَرْهَنَ كُلٌّ مِنْ الْخَارِجِ وَذِي الْيَدِ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ الْآخَرِ. . . إلَخْ) تَهَاتُرُ الْبَيِّنَتَيْنِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ سَوَاءٌ شَهِدُوا بِالْقَبْضِ أَوْ لَمْ يَشْهَدُوا