لَا تَثْبُتُ بِهِ ابْتِدَاءً أَمَّا إذَا بَيَّنَ الْمُجْمَلَ بِهِ فَتَثْبُتُ كَمَا مَرَّ ثُمَّ قِيلَ الْقَدْرُ الْمَفْرُوضُ مِنْ الْقَعْدَةِ مَا يَأْتِي فِيهِ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَالْأَصَحُّ مَا اُخْتِيرَ فِي الْكَافِي، وَذَكَرَ هَاهُنَا أَنَّ التَّشَهُّدَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَنْصَرِفُ إلَيْهِ (وَهِيَ) أَيْ الْقَعْدَةُ الْأَخِيرَةُ (كَالْأُولَى) فِي افْتِرَاشِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَنَصْبِ الْيُمْنَى (لَكِنَّهُ يَزِيدُ هَاهُنَا الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ سُنَّةٌ عِنْدَنَا وَفَرْضٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَكَيْفِيَّةُ الصَّلَاةِ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكَتْ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ وَكَرِهَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ ارْحَمْ مُحَمَّدًا إلَى آخِرِهِ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ تَقْصِيرَ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - إذْ الرَّحْمَةُ تَكُونُ بِإِتْيَانِ مَا يُلَامُ عَلَيْهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ كَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ (وَيَدْعُو لِنَفْسِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ) وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا قِيلَ وَدَعَا لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ مِنْ السُّنَّةِ أَنْ لَا يَخُصَّ نَفْسَهُ بِالدُّعَاءِ (بِمَا يُشْبِهُ الْقُرْآنَ) أَيْ بِمَا يُشْبِهُهُ لَفْظًا وَمَعْنًى كَأَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدِيَّ أَوْ يَقُولَ اغْفِرْ لِأَبِي (أَوْ الْمَأْثُورَ) عَطْفٌ عَلَى مَا يُشْبِهُ الْقُرْآنَ أَيْ بِالْمَرْوِيِّ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ ثُمَّ قِيلَ الْقَدْرُ الْمَفْرُوضُ مِنْ الْقَعْدَةِ. . . إلَخْ) ذَكَرَهُ فِي الْبُرْهَانِ بِصِيغَةِ زَعَمَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا أَنَّ الْقَدْرَ. . . إلَخْ.

(قَوْلُهُ لَكِنَّهُ يَزِيدُ فِيهَا الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَقُولُ وَالْمَسْبُوقُ يَزِيدُهُ أَيْضًا كَالْإِمَامِ تَبَعًا لَهُ عَلَى مَا صَحَّحَهُ صَاحِبُ الْمَبْسُوطِ؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ إنَّمَا لَا يَشْتَغِلُ بِالصَّلَاةِ فِي غَيْرِ الْقُعُودِ الْأَخِيرِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَأْخِيرِ الْأَرْكَانِ وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يُوجَدُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُومَ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ خُصُوصًا إذَا كَانَ عَلَى الْإِمَامِ سَهْوٌ (قَوْلُهُ وَهِيَ سُنَّةٌ عِنْدَنَا. . . إلَخْ) أَقُولُ إلَّا أَنَّهَا تُقْتَرَضُ فِي الْعُمْرِ مَرَّةً إذْ لَا يَقْتَضِي الْأَمْرُ صَلُّوا التَّكْرَارَ كَمَا ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ أَوْ كُلَّمَا ذُكِرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ لَا؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ بَلْ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ وُجُوبُهَا بِسَبَبٍ مُتَكَرِّرٍ وَهُوَ الذِّكْرُ فَيَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَصَحَّحَ فِي التُّحْفَةِ وَالْمُحِيطِ مَا اخْتَارَهُ الطَّحَاوِيُّ وَاخْتُلِفَ عَلَى قَوْلِهِ إنَّهُ لَوْ تَكَرَّرَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ يَتَدَاخَلُ الْوُجُوبُ فَيَكْفِيهِ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ يَتَكَرَّرُ مِنْ غَيْرِ تَدَاخُلٍ صَحَّحَ فِي الْكَافِي مِنْ بَابِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ الْأَوَّلَ وَأَنَّ الزَّائِدَ نَدْبٌ، وَكَذَا التَّشْمِيتُ وَصَحَّحَ فِي الْمُجْتَبَى الثَّانِيَ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْبُرْهَانِ الِافْتِرَاضُ كُلَّمَا ذُكِرَ عَلَى قَوْلِ الطَّحَاوِيِّ.

وَفِي الْبَحْرِ أَنَّ الطَّحَاوِيَّ إنَّمَا قَالَ بِالْوُجُوبِ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ عِنْدَنَا اهـ قُلْت وَبَقِيَ تَصْحِيحٌ آخَرُ ذَكَرُهُ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ، قَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ كُلَّمَا ذُكِرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ.

(قَوْلُهُ وَكَيْفِيَّتُهُ. . . إلَخْ) أَقُولُ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ صَرَّحَ بِهَا ضَابِطُ الْمَذْهَبِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَمَا نَقَلَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَ فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ مُحَمَّدٍ الصَّلَاةَ الْمَذْكُورَةَ مَعَ تَكْرَارِ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَفِي إفْصَاحِ ابْنِ هُرَيْرَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ ذَكَرَ الصَّلَاةَ الْمَنْقُولَةَ عَنْهُ مَعَ زِيَادَةٍ فِي الْعَالَمِينَ وَهِيَ ثَابِتَةٌ فِي رِوَايَةِ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ عِنْدَ مَالِكٍ وَمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِمْ فَمَا فِي السِّرَاجِ مَعْزِيًّا إلَى مُنْيَةِ الْمُصَلِّي مِنْ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِهِ ضَعِيفٌ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ) أَعَادَ حَرْفَ الْجَرِّ فِي الْآلِ لِلْإِشَارَةِ إلَى تَرَاخِي رُتْبَةِ آلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهُ وَاخْتُلِفَ فِيهِمْ فَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُمْ قَرَابَتُهُ الَّذِينَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الصَّدَقَةُ وَصَحَّحَهُ بَعْضُهُمْ وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ أَنَّهُمْ جَمِيعُ الْأُمَّةِ وَالتَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ كَمَا صَلَّيْت إمَّا رَاجِعٌ لِآلِ مُحَمَّدٍ وَإِمَّا؛ لِأَنَّ الْمُشَبَّهَ بِهِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ أَعْلَى مِنْ الْمُشَبَّهِ، وَذَكَرَ فِي الْغَايَةِ وَالدِّرَايَةِ أَجْوِبَةً جَمَّةً فَلْتُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ وَكَرِهَ بَعْضُهُمْ. . . إلَخْ) أَقُولُ وَمَحِلُّ الْخِلَافِ فِيمَا يُقَالُ مَضْمُومًا إلَى الصَّلَاةِ أَوْ السَّلَامِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ فَلِذَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُقَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَيَدْعُو. . . إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ يُقَدِّمُ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ فَقَالَ وَيَدْعُو بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا قَدَّمَهَا عَلَى دُعَائِهِ؛ لِأَنَّ مَنْ أَتَى بَابَ الْمَلِكِ لَا بُدَّ مِنْ التُّحْفَةِ لِخَاصَّتِهِ وَأَخَصُّ خَوَاصِّهِ هُوَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتُحْفَتُهُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ أَوْ؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَهَا عَلَيْهِ أَقْرَبُ لِلْإِجَابَةِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسْتَجَابَةٌ وَالدُّعَاءُ بَعْدَ الْمُسْتَجَابِ يُرْجَى أَنْ يُسْتَجَابَ؛ لِأَنَّ الْكَرِيمَ بَعْدَ إجَابَتِهِ أَوَّلَ الْمَسْئُولَاتِ لَا يَرُدُّ بَاقِيَهَا. اهـ.

(قَوْلُهُ كَأَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدِيَّ. . . إلَخْ) أَقُولُ قَدَّمَ الدُّعَاءَ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ كَمَا كَانَ يَفْعَلُهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَذْكُرْ كَيْفِيَّةَ الدُّعَاءِ لِلْمُؤْمِنِينَ.

وَقَالَ فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَيَسْتَغْفِرُ لِنَفْسِهِ وَلِوَالِدَيْهِ إنْ كَانَا مُؤْمِنَيْنِ وَلِجَمْعِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الدُّعَاءُ بِالْمَغْفِرَةِ لِلْكَافِرِ وَظَاهِرُ مَا فِي الْمُنْيَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ الدُّعَاءُ بِالْمَغْفِرَةِ لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ جَمِيعَ ذُنُوبِهِمْ، وَقَدْ صَرَّحَ الْقَرَافِيُّ بِتَحْرِيمِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَكْذِيبًا لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْمُصَرِّحَةِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْذِيبِ طَائِفَةٍ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ بِالنَّارِ وَإِخْرَاجِهِمْ مِنْهَا بِشَفَاعَةٍ أَوْ بِغَيْرِ شَفَاعَةٍ وَدُخُولُهُمْ النَّارَ إنَّمَا هُوَ بِذُنُوبِهِمْ وَلَا يُوجِبُ الْكُفْرَ كَالدُّعَاءِ لِلْمُشْرِكِ بِهَا لِلْفَرْقِ بَيْنَ تَكْذِيبِ الْآحَادِ وَالْقَطْعِيِّ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَالْحَقُّ أَنَّهُ يَكُونُ عَاصِيًا بِالدُّعَاءِ لِلْكَافِرِ بِالْمَغْفِرَةِ غَيْرُ عَاصٍ بِالدُّعَاءِ بِالْمَغْفِرَةِ لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ؛ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ الْعَفْوِ عَنْ الشِّرْكِ عَقْلًا قِيلَ بِالْجَوَازِ؛ لِأَنَّ الْخُلْفَ فِي الْوَعِيدِ كَرَمٌ فَيَجُوزُ مِنْ اللَّهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015