وَهُوَ لَمْ يَظْلِمْ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ عَنْ بَيْعِ الْأَرْضِ فَلَمْ يَكُنْ ظَالِمًا
(كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ) (هِيَ) لُغَةً مُفَاعَلَةٌ مِنْ السَّقْيِ وَشَرْعًا (دَفْعُ الشَّجَرِ إلَى مَنْ يُصْلِحُهُ بِجُزْءٍ مِنْ ثَمَرِهِ وَهِيَ كَالْمُزَارَعَةِ) فِي أَنَّهَا بَاطِلَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا وَأَنَّ الْفَتْوَى عَلَى صِحَّتِهَا (وَشُرُوطُهَا كَشُرُوطِهَا الْمُمْكِنَةِ هَاهُنَا كَأَهْلِيَّةِ الْعَاقِدَيْنِ وَبَيَانِ نَصِيبِ الْعَامِلِ وَالتَّخْلِيَةِ بَيْنَ الْأَشْجَارِ وَالْعَامِلُ وَالشَّرِكَةُ فِي الْخَارِجِ) وَمَا عَدَاهَا مِنْ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ فِيهَا لَا يَجْرِي هَاهُنَا (فَتَصِحُّ بِلَا ذِكْرِ الْمُدَّةِ) وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَصِحَّ لِأَنَّهَا إجَارَةٌ مَعْنًى كَالْمُزَارَعَةِ وَتَصِحُّ اسْتِحْسَانًا (وَتَقَعُ عَلَى أَوَّلِ ثَمَرٍ يَخْرُجُ) إذْ لِإِدْرَاكِ الثَّمَرِ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ قَلَّمَا يَتَفَاوَتُ (وَتَفْسُدُ إنْ لَمْ يُخْرِجْ) أَيْ فِي هَذِهِ السَّنَةِ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ الْعَقْدِ غَيْرَ هَذِهِ السَّنَةِ فَكَأَنَّهُمَا نَصَّا عَلَى ذَلِكَ ذَكَرَهُ تَاجُ الشَّرِيعَةِ (إلَّا إذَا دَفَعَ) اسْتِثْنَاءً مِنْ قَوْلِهِ فَتَصِحُّ بِلَا ذِكْرِ الْمُدَّةِ (غِرَاسًا فِي أَرْضٍ لَمْ تَبْلُغْ) أَيْ تِلْكَ الْغِرَاسُ (الثَّمَرَ عَلَى أَنْ يُصْلِحَهَا فَمَا خَرَجَ كَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ حَيْثُ تَفْسُدُ إنْ لَمْ يَذْكُرْ سِنِينَ مَعْلُومَةً) ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ (أَوْ دَفَعَ أُصُولَ رُطَبَةٍ فِي أَرْضٍ مُسَاقَاةً وَلَمْ يُسَمَّ الْوَقْتُ فَإِنَّهَا تَفْسُدُ) لِأَنَّ أُصُولَ الرُّطَبَةِ كَالْغِرَاسِ (بِخِلَافِ رُطَبَةٍ لِبَقَائِهَا غَايَةً) كَسِتَّةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا (حَيْثُ يَجُوزُ وَتَقَعُ عَلَى أَوَّلِ جِزَّةٍ) أَيْ قَطْعٍ (يَكُونُ) أَيْ يَحْصُلُ ذَلِكَ الْأَوَّلُ لَا مَا بَعْدَهُ (دَفَعَ رُطَبَةً انْتَهَى جِزَازُهَا عَلَى أَنْ يَقُومَ عَلَيْهَا حَتَّى يَخْرُجَ بَذْرُهَا وَيَكُونَ) أَيْ الْبَذْرُ (بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ جَازَ بِلَا ذِكْرِ الْوَقْتِ) اسْتِحْسَانًا لِأَنَّ لِإِدْرَاكِ الْبَذْرِ وَقْتًا مَعْلُومًا عِنْدَ الْمُزَارِعِينَ وَالْبَذْرُ إنَّمَا يَحْصُلُ بِعَمَلِ الْعَامِلِ فَاشْتِرَاطُ الْمُنَاصَفَةِ فِيهِ يَكُونُ صَحِيحًا (وَالرُّطَبَةُ لِصَاحِبِهَا) إذْ لَا أَثَرَ فِيهِ لِعَمَلِ الْعَامِلِ (وَلَوْ شَرَطَا تَنْصِيفَهَا فَسَدَتْ) لِاشْتِرَاطِ الشَّرِكَةِ فِيمَا هُوَ حَاصِلٌ قَبْلَهَا
(ذَكَرَ مُدَّةً لَا يَخْرُجُ الثَّمَرُ فِيهَا) بِأَنْ دَفَعَ الْأَرْضَ لِيَغْرِسَ فِيهَا الْكَرْمَ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ قَطْعًا أَنَّ الْكَرْمَ لَا يُخْرِجُ الثَّمَرَ فِيهَا (يُفْسِدُهَا) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْمُسَاقَاةِ الشَّرِكَةُ فِي الْخَارِجِ وَهَذَا الشَّرْطُ يَمْنَعُ الْمَقْصُودَ فَيَكُونُ مُفْسِدًا لِلْعَقْدِ.
(وَ) ذَكَرَ (مُدَّةً قَدْ يَخْرُجُ) الثَّمَرُ فِيهَا (وَقَدْ لَا) أَيْ لَا يَخْرُجُ (لَا) أَيْ لَا يُفْسِدُهَا لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِفَوَاتِ الْمَقْصُودِ بَلْ هُوَ مُتَوَهَّمٌ فِي كُلِّ مُزَارَعَةٍ وَمُسَاقَاةٍ بِأَنْ يَصْطَلِمَ الزَّرْعَ أَوْ الثَّمَرَ آفَةٌ سَمَاوِيَّةٌ (فَلَوْ خَرَجَ) أَيْ الثَّمَرُ (فِي وَقْتٍ سُمِّيَ فَعَلَى الشَّرْطِ) لِصِحَّةِ الْعَقْدِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ فِيهِ بِلَا تَأَخُّرٍ عَنْهُ (فَسَدَ الْعَقْدُ) إذْ تَبَيَّنَ أَنَّهُمَا سَمَّيَا مُدَّةً لَا يَخْرُجُ الثِّمَارُ فِيهَا وَلَوْ عُلِمَ ذَلِكَ ابْتِدَاءً كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا فَكَذَا إذَا تَبَيَّنَ انْتِهَاءً وَإِذَا فَسَدَ (فَلِلْعَامِلِ أَجْرُ الْمِثْلِ) كَمَا فِي الْمُزَارَعَةِ
(تَصِحُّ) أَيْ مُسَاقَاةً (فِي الْكَرْمِ وَالشَّجَرِ وَالْبُقُولِ وَأُصُولِ الْبَاذِنْجَانِ وَالنَّخْلِ وَلَوْ) وَصْلِيَّةٌ (فِيهِ ثَمَرٌ إنْ لَمْ يُدْرِكْ) حَتَّى لَوْ كَانَ مُدْرِكًا لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ إذْ لَا يَكُونُ حِينَئِذٍ لِعَمَلِ الْعَامِلِ أَثَرٌ (كَالْمُزَارَعَةِ) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ إلَّا فِي النَّخِيلِ وَالْكُرُومِ (دَفَعَ أَرْضًا سِنِينَ مَعْلُومَةً عَلَى أَنْ يَغْرِسَهَا أَشْجَارًا وَتَكُونَ هِيَ) أَيْ الْأَشْجَارُ (وَالْأَرْضُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَسَدَتْ) لِاشْتِرَاطِهِمَا الشَّرِكَةَ فِيمَا كَانَ حَاصِلًا قَبْلَ الشَّرِكَةِ لَا بِعَمَلِهِ وَهُوَ الْأَرْضُ (فَإِنْ غَرَسَهَا) أَيْ الْعَامِلُ الْأَرْضَ (غِرَاسًا مِنْ عِنْدِهِ فَأَخْرَجَتْ ثَمَرًا كَانَ الْكُلُّ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَلِلْغَارِسِ عَلَيْهِ قِيمَةُ غِرَاسِهِ وَأَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ) لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ اسْتَأْجَرَ الْعَامِلَ لِيَجْعَلَ أَرْضَهُ بُسْتَانًا بِآلَاتِ نَفْسِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ أَجْرُهُ نِصْفَ الْبُسْتَانِ الَّذِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ] [شُرُوط الْمُسَاقَاة]
ِ (قَوْلُهُ هِيَ لُغَةً مِنْ السَّقْيِ. . . إلَخْ) مَفْهُومُهَا اللُّغَوِيُّ هُوَ الشَّرْعِيُّ وَتُسَمَّى الْمُعَامَلَةُ بِلُغَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ (قَوْلُهُ وَهِيَ كَالْمُزَارَعَةِ) فِي الْبُطْلَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَبِهِ أَخَذَ زُفَرُ خِلَافًا لَهُمَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى (قَوْلُهُ وَشُرُوطُهَا كَشُرُوطِهَا) كَذَا رُكْنُهَا كَرُكْنِهَا وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَشُرُوطُهَا عِنْدَهُمَا شُرُوطُ الْمُزَارَعَةِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا إلَّا فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ لَا يُجْبَرُ إذَا امْتَنَعَ وَإِذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ يُتْرَكُ بِلَا أَجْرٍ وَيَعْمَلُ بِلَا أَجْرٍ وَفِي الْمُزَارَعَةِ بِأَجْرٍ وَإِذَا اُسْتُحِقَّ النَّخِيلُ يَرْجِعُ الْعَامِلُ بِأَجْرِ مِثْلِهِ وَالْمُزَارِعُ بِقِيمَةِ الزَّرْعِ وَالرَّابِعُ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْمُدَّةِ هُنَا اسْتِحْسَانًا
(قَوْلُهُ فَلَوْ خَرَجَ أَيْ الثَّمَرُ فِي وَقْتٍ سُمِّيَ فَعَلَى الشَّرْطِ) هَذَا إذَا كَانَ الْخَارِجُ يُرْغَبُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُرْغَبْ بِمِثْلِهِ فِي الْمُعَامَلَةِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ فِيهِ بَلْ تَأَخَّرَ عَنْهُ فَسَدَ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَإِذَا لَمْ تُخْرِجْ شَيْئًا أَصْلًا فَلَا شَيْءَ لَهُ اهـ.
وَقَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَإِنْ لَمْ تُخْرِجْ شَيْئًا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ إنْ أَخْرَجَتْ بَعْدَ تِلْكَ الْمُدَّةِ فِي السَّنَةِ فَسَدَتْ وَإِنْ لَمْ تُخْرِجْ فِي ذَلِكَ الْعَامِ وَبَعْدَهُ حَدَثَتْ لَهَا جَازَتْ الْمُعَامَلَةُ
(قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ كَانَ مُدْرِكًا لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ) قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ تَنَاهَى الزَّرْعُ فَدَفَعَ مَعَهُ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ لِيَحْفَظَ لَا يَجُوزُ وَفِي الْأَشْجَارِ إذَا دَفَعَهَا مُعَامَلَةً فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ بِحَالٍ لَوْ لَمْ تُحْفَظْ تَضَعْ إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ تَجُوزُ وَإِنْ كَانَ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى عَمَلٍ سِوَى الْحِفْظِ وَالْحِفْظُ زِيَادَةٌ فِي الثِّمَارِ إنْ بِحَالٍ لَوْ لَمْ تُحْفَظْ لَا تَذْهَبُ الثَّمَرَةُ إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ لَا يَجُوزُ اهـ