لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لِلطَّالِبِ أَصْلًا نَحْوُ إذَا جَاءَ غَدٌ لَا يَجُوزُ وَإِذَا كَانَ مُلَائِمًا مُتَعَارَفًا فِيهِ نَفْعٌ لِلطَّالِبِ يَجُوزُ كَمَا إذَا كَفَلَ بِالْمَالِ وَالنَّفْسِ وَقَالَ إنْ وَافَيْتُك بِهِ غَدًا فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ الْمَالِ فَقَبِلَ الطَّالِبُ فَوَافَاهُ الْكَفِيلُ فِي الْغَدِ فَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ الْمَالِ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ

(مَاتَ الْكَفِيلُ قَبْلَ الْأَجَلِ حَلَّ) أَيْ الدَّيْنُ (عَلَيْهِ فَإِنْ أَدَّى وَارِثُهُ لَمْ يَرْجِعْ قَبْلَ حُلُولِهِ) لِأَنَّ الْكَفِيلَ الْتَزَمَ الدَّيْنَ مُؤَجَّلًا فَلَوْ رَجَعُوا بِالْمُعَجَّلِ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ الْمُؤَجَّلِ فِي الْمَالِيَّةِ يَكُونُ رِبًا (وَإِنْ مَاتَ الْمَطْلُوبُ قَبْلَ الْأَجَلِ حَلَّ عَلَيْهِ الْأَجَلُ فَقَطْ وَإِنْ مَاتَا) أَيْ الْكَفِيلُ وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ (فَالطَّالِبُ يَأْخُذُهُ مِنْ أَيِّ التَّرِكَتَيْنِ شَاءَ) لِأَنَّ دَيْنَهُ ثَابِتٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ (لَا يَسْتَرِدُّ أَصِيلٌ مَا أَدَّى إلَى كَفِيلِهِ) لِيَدْفَعَهُ إلَى طَالِبِهِ (وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ طَالِبُهُ) إذْ تَعَلَّقَ حَقٌّ بِهِ عَلَى احْتِمَالِ قَضَائِهِ الدَّيْنَ فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِرْدَادُ مَا بَقِيَ هَذَا الِاحْتِمَالُ كَمَنْ عَجَّلَ زَكَاتَهُ وَدَفَعَهَا إلَى السَّاعِي (وَإِنْ رَبِحَ) أَيْ الْكَفِيلُ (بِهِ) أَيْ بِالْمَالِ الَّذِي قَبَضَهُ الْكَفِيلُ مِنْ الْمَطْلُوبِ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهُ الطَّالِبَ (طَابَ لَهُ) أَيْ لِلْكَفِيلِ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْقَبْضِ وَكَانَ الرِّبْحُ بَدَلَ مِلْكِهِ (وَنُدِبَ رَدُّهُ) أَيْ الرِّبْحِ (عَلَى قَاضِيهِ) وَهُوَ الْأَصِيلُ (فِيمَا يَتَعَيَّنُ) بِالتَّعْيِينِ كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ هَذَا إذَا قَضَى الْأَصِيلُ الدَّيْنَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَنْهُ أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِهِ وَقَالَا لَا يَطِيبُ لَهُ الرِّبْحُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْهُ

(أَمَرَ كَفِيلَهُ بِبَيْعِ الْعِينَةِ فَفَعَلَ فَالْمَبِيعُ لِلْكَفِيلِ وَالرِّبْحُ) الَّذِي حَصَلَ لِلْبَائِعِ يَكُونُ (عَلَيْهِ) أَيْ الْكَفِيلِ لَا الْآمِرِ بَيَانُهُ أَنَّ الْأَصِيلَ أَمَرَ الْكَفِيلَ بِبَيْعِ الْعِينَةِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ لَهُ اشْتَرِ مِنْ النَّاسِ نَوْعًا مِنْ الْأَقْمِشَةِ ثُمَّ بِعْهُ فَمَا رَبِحَهُ الْبَائِعُ مِنْك وَخَسِرْته أَنْتَ فَعَلَيَّ وَهُوَ يَأْتِي إلَى تَاجِرٍ فَيَطْلُبَ مِنْهُ الْقَرْضَ وَيَطْلُبُ التَّاجِرُ مِنْهُ الرِّبْحَ وَيَخَافُ مِنْ الرِّبَا فَيَبِيعُهُ التَّاجِرُ ثَوْبًا يُسَاوِي عَشَرَةً مَثَلًا بِخَمْسَةَ عَشْرَ نَسِيئَةً فَيَبِيعُهُ هُوَ فِي السُّوقِ بِعَشَرَةٍ فَيَحْصُلُ لَهُ الْعَشَرَةُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ لِلْبَائِعِ خَمْسَةَ عَشَرَ إلَى أَجَلٍ أَوْ يُقْرِضُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا ثُمَّ يَبِيعُهُ الْمُقْرِضُ ثَوْبًا يُسَاوِي عَشَرَةً بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَيَأْخُذُ الدَّرَاهِمَ الَّتِي أَقْرَضَهُ عَلَى أَنَّهَا ثَمَنُ الثَّوْبِ فَيَبْقَى عَلَيْهِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ قَرْضًا فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ نَفَذَ عَلَيْهِ وَالرِّبْحُ الَّذِي رَبِحَهُ التَّاجِرُ يَلْزَمُهُ وَلَا يَلْزَمُ الْآمِرَ شَيْءٌ لِأَنَّهُ إمَّا ضَامِنٌ لِمَا يَخْسَرُهُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ نَظَرًا إلَى قَوْلِهِ عَلَيَّ فَإِنَّهَا لِلْوُجُوبِ فَلَا يَجُوزُ كَمَا إذَا قَالَ لِرَجُلٍ بَائِعٍ فِي السُّوقِ فَمَا خَسِرْت فَعَلَيَّ وَإِمَّا تَوْكِيلٌ بِالشِّرَاءِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ نَظَرًا إلَى الْأَمْرِ بِهِ فَلَا يَجُوزُ أَيْضًا لِجَهَالَةِ نَوْعِ الثَّوْبِ فِي ثَمَنِهِ وَيُسَمَّى هَذَا النَّوْعُ مِنْ الْبَيْعِ عِينَةً لِمَا فِيهِ مِنْ السَّلَفِ يُقَالُ بَاعَهُ بِعِينَةٍ أَيْ نَسِيئَةً ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ

(كَفَلَ بِمَا ذَابَ لَهُ أَوْ قُضِيَ لَهُ عَلَيْهِ أَوْ بِمَا لَزِمَهُ لَهُ) أَيْ كَفَلَ رَجُلٌ عَنْ

ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهِ الْمُطَالَبَةُ فَكَانَ إبْرَاؤُهُ إسْقَاطًا مَحْضًا كَالطَّلَاقِ وَلِهَذَا لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ مِنْ الْكَفِيلِ بِخِلَافِ الْأَصِيلِ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى تَمْلِيكِ الْمَالِ كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ) لَعَلَّ صَوَابَهُ النِّهَايَةُ

(قَوْلُهُ فَإِنْ أَدَّى وَارِثُهُ لَمْ يَرْجِعْ قَبْلَ حُلُولِهِ) وَقَالَ زُفَرُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ الْمَطْلُوبُ قَبْلَ الْأَجَلِ حَلَّ عَلَيْهِ الْأَجَلُ فَقَطْ) أَيْ لَا عَلَى الْكَفِيلِ فَالطَّالِبُ إنْ شَاءَ طَالَبَ فِي تَرِكَةِ الْمَطْلُوبِ الْآنَ لِحُلُولِ الْأَجَلِ بِالْمَوْتِ وَإِنْ شَاءَ صَبَرَ إلَى حُلُولِ الْأَجَلِ فَطَالَبَ الْكَفِيلَ (قَوْلُهُ لِأَنَّ دَيْنَهُ ثَابِتٌ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ) يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي التَّعْلِيلِ لِأَنَّ بِمَوْتِهِمَا حَلَّ الْأَجَلُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا اهـ عَلَى أَنَّ ثُبُوتَ الدَّيْنِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا إنَّمَا هُوَ عَلَى خِلَافِ الصَّحِيحِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَإِنْ رَبِحَ الْكَفِيلُ بِهِ) أَيْ بِالْمَالِ الَّذِي قَبَضَهُ الْكَفِيلُ مِنْ الْمَطْلُوبِ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَ الطَّالِبَ طَلَبَ لَهُ هَذَا إذَا قَبَضَهُ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ وَقَدْ قَضَى الْكَفِيلُ الدَّيْنَ فَلَا خَبَثَ فِي الرِّبْحِ أَصْلًا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَأَمَّا إذَا قَضَاهُ الْأَصِيلُ فَفِي الرِّبْحِ نَوْعُ خَبَثٍ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِنْ قَبَضَهُ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ لَا يَطِيبُ لَهُ الرِّبْحُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ وَمُحَمَّدٍ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَطِيبُ لِعَدَمِ التَّعْيِينِ وَأَصْلُهُ الْخِلَافُ فِي الرِّبْحِ بِالدَّرَاهِمِ الْمَغْصُوبَةِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَالنِّهَايَةِ وَقَالَ فِي الْقُنْيَةِ دَفَعَ الْمَدْيُونُ إلَى الْكَفِيلِ قَبْلَ أَنْ يُوَفِّيَ وَلَمْ يَقُلْ قَضَاءً وَلَا بِجِهَةِ الرِّسَالَةِ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَنْ الْقَضَاءِ اهـ فَعَلَيْهِ يَكُونُ لِلْكَفِيلِ مَا رَبِحَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ وَنُدِبَ رَدُّهُ عَلَى قَاضِيهِ فِيمَا يَتَعَيَّنُ) هَذَا رِوَايَةُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَفِي رِوَايَةِ كِتَابِ الْبُيُوعِ وَالْأَصْلِ عَنْهُ الرِّبْحُ لَهُ لَا يَتَصَدَّقُ بِهِ وَلَا يَرُدُّهُ عَلَى الْأَصِيلِ وَبِهِ أَخَذَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَفِي رِوَايَةِ كِتَابِ الْكَفَالَةِ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَطِيبُ لَهُ وَلَا يَتَصَدَّقُ بِهِ وَوَجْهُ كُلٍّ فِي الْعِنَايَةِ ثُمَّ إذَا رَدَّهُ عَلَى قَاضِيهِ فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا طَابَ لَهُ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ قَالَ الْإِمَامَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَالْأَشْبَهُ أَنْ يَطِيبَ لَهُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَقَالَ الْكَمَالُ وَالْأَوْجَهُ طِيبُهُ لَهُ (قَوْلُهُ وَهَذَا إذَا قَضَى الْأَصِيلُ الدَّيْنَ) كَذَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا يَعْنِي الْخِلَافَ إذَا أَعْطَاهُ عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ لِدَيْنِهِ وَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ لَا يَطِيبُ لَهُ الرِّبْحُ بِالِاتِّفَاقِ

(قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ) وَذَكَرَ وُجُوهًا أُخَرَ لِتَسْمِيَتِهِ ثُمَّ قَالُوا هَذَا النَّوْعُ مَذْمُومٌ شَرْعًا اخْتَرَعَهُ أَكْلَةُ الرِّبَا وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَاتَّبَعْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ ذَلَلْتُمْ وَظَهَرَ عَلَيْكُمْ عَدُوُّكُمْ» اهـ.

وَقَالَ الْكَمَالُ وَهَذَا الْبَيْعُ مَكْرُوهٌ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يُكْرَهُ هَذَا الْبَيْعُ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ كَثِيرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَحَمِدُوا ذَلِكَ وَلَمْ يَعُدُّوهُ مِنْ الرِّبَا حَتَّى لَوْ بَاعَ كَاغِدَةً بِأَلْفٍ يَجُوزُ وَلَا يُكْرَهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015