تَقْدِيرِ الثَّمَنِ ظَهَرَ أَنَّ غَرَضَهُ اجْتِمَاعَ رَأْيِهِمَا فِي الزِّيَادَةِ وَاخْتِيَارِ الْمُشْتَرِي كَمَا مَرَّ.
(قَالَ فَوَّضْت إلَيْك أَمْرَ امْرَأَتِي صَارَ وَكِيلًا بِالطَّلَاقِ وَتَقَيَّدَ بِالْمَجْلِسِ) فَإِنْ طَلَّقَ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا (بِخِلَافِ قَوْلِهِ وَكَّلْتُك فِي أَمْرِ امْرَأَتِي) حَيْثُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ فَإِنْ طَلَّقَ بَعْدَهُ صَحَّ (مَنْ لَا يَلِي غَيْرَهُ لَمْ يَجُزْ تَصَرُّفُهُ فِي حَقِّهِ) لِأَنَّ صِحَّةَ التَّصَرُّفِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْوِلَايَةِ فَإِذَا انْتَفَتْ الثَّانِيَةُ انْتَفَتْ الْأُولَى (فَإِذَا بَاعَ عَبْدٌ أَوْ مُكَاتَبٌ أَوْ ذِمِّيٌّ مَالَ صَغِيرِهِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ أَوْ شَرَى) وَاحِدٌ مِنْهُمْ (بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الْمَالِ (لَمْ يَجُزْ) لِانْتِفَاءٍ وَلَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ (كَذَا تَزْوِيجُ صَغِيرَةٍ كَذَلِكَ) أَيْ حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ حَيْثُ لَمْ يَجُزْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ ذَلِكَ لِانْتِفَاءِ الْوِلَايَةِ
اعْلَمْ أَنَّ الْوَكِيلَ بِالْخُصُومَةِ وَكِيلٌ بِالْقَبْضِ عِنْدَ الثَّلَاثَةِ خِلَافًا لِزُفَرَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَبْضَ غَيْرُ الْخُصُومَةِ وَقَدْ رَضِيَ بِهَا دُونَهُ، وَلَهُمْ أَنَّ مَنْ مَلَكَ شَيْئًا مَلَكَ إتْمَامَهُ وَتَمَامُ الْخُصُومَةِ وَانْتِهَاؤُهَا بِالْقَبْضِ وَقَالُوا الْفَتْوَى الْيَوْمَ عَلَى قَوْلِ زُفَرَ لِفَسَادِ الزَّمَانِ وَلِهَذَا قُلْت (الْوَكِيلُ بِهَا وَبِالتَّقَاضِي لَا يَمْلِكُ الْقَبْضَ وَبِهِ يُفْتَى) لِظُهُورِ الْخِيَانَةِ فِي الْوُكَلَاءِ وَقَدْ يُؤْتَمَنُ عَلَى الْخُصُومَةِ مَنْ لَا يُؤْتَمَنُ عَلَى الْمَالِ وَكَذَا الْوَكِيلُ بِالتَّقَاضِي يَمْلِكُ الْقَبْضَ عَلَى أَصْلِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ وَضْعًا يُقَالُ اقْتَضَيْت حَقِّي أَيْ قَبَضْته فَإِنَّهُ مُطَاوِعُ قَضَى لَكِنَّ الْعُرْفَ بِخِلَافِهِ وَهُوَ قَاضٍ عَلَى الْوَضْعِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ أَيْضًا لَا يَمْلِكُهُ.
(وَ) الْوَكِيلُ (بِقَبْضِ الدَّيْنِ يَمْلِكُهَا) أَيْ الْخُصُومَةَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الدَّائِنَ اسْتَوْفَاهُ مِنْهُ أَوْ أَبْرَأَهُ يُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ.
(وَ) الْوَكِيلُ بِقَبْضِ (الْعَيْنِ لَا) أَيْ لَا يَمْلِكُهَا (فَلَوْ بَرْهَنَ ذُو الْيَدِ عَلَى الْوَكِيلِ بِقَبْضِ عَبْدٍ أَنَّ الْمُوَكِّلَ بَاعَهُ وُقِفَ الْأَمْرُ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَالِبُ) . صُورَتُهُ وَكَّلَ وَكِيلًا بِقَبْضِ عَبْدٍ لَهُ وَغَابَ فَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِمَّنْ وَكَّلَهُ بِالْقَبْضِ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ فِي إثْبَاتِ الشِّرَاءِ وَتُقْبَلُ فِي دَفْعِ الْخُصُومَةِ فَتَتَوَقَّفُ حَتَّى يَحْضُرَ الْمُوَكِّلُ وَيُعِيدَ الْبَيِّنَةَ (كَذَا الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ) يَعْنِي إذَا أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الطَّلَاقِ وَالْعَبْدُ أَوْ الْأَمَةُ عَلَى الْعَتَاقِ عَلَى الْوَكِيلِ بِنَقْلِهِمْ مِنْ مَكَان إلَى مَكَان لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ عَلَى إثْبَاتِ الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ وَتُقْبَلُ فِي قَصْرِ يَدِ الْوَكِيلِ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ
(الْوَكِيلُ بِهَا) أَيْ الْخُصُومَةِ (إذَا أَبَى) أَيْ امْتَنَعَ عَنْ الْخُصُومَةِ (لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا) لِأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا بَلْ وَعَدَ أَنْ يَتَبَرَّعَ (بِخِلَافِ الْكَفِيلِ) حَيْثُ يُجْبَرُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ ضَمِينٌ كَمَا مَرَّ (إذَا وَكَّلَ بِخُصُومَاتِهِ وَأَخْذِ حُقُوقِهِ مِنْ النَّاسِ عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ وَكِيلًا فِيمَا يَدَّعِي عَلَى الْمُوَكِّلِ جَازَ فَلَوْ أَثْبَتَ الْمَالَ لَهُ ثُمَّ أَرَادَ الْخَصْمُ الدَّفْعَ لَا يُسْمَعُ عَلَى الْوَكِيلِ) كَذَا فِي الصُّغْرَى.
(صَحَّ إقْرَارُ الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ) يَعْنِي إذَا ثَبَتَ وَكَالَةُ الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ وَأَقَرَّ عَلَى مُوَكِّلِهِ سَوَاءٌ كَانَ مُوَكِّلُهُ الْمُدَّعِي فَأَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ الْحَقِّ أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَقَرَّ بِثُبُوتِهِ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ (عِنْدَ الْقَاضِي) صَحَّ (دُونَ غَيْرِهِ) أَيْ إنْ كَانَ إقْرَارُهُ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي فَشَهِدَ بِهِ شَاهِدَانِ عِنْدَ الْقَاضِي لَا يَصِحُّ (وَإِنْ انْعَزَلَ بِهِ) حَتَّى لَا يَدْفَعَ إلَيْهِ الْمَالَ وَلَوْ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ الْوَكَالَةَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً لَمْ تُسْمَعْ لِأَنَّهُ زَعَمَ أَنَّهُ مُبْطِلٌ فِي دَعْوَاهُ (كَذَا إذَا اسْتَثْنَى الْإِقْرَارَ وَأَقَرَّ عِنْدَهُ) يَعْنِي إذَا اسْتَثْنَى الْمُوَكِّلُ الْإِقْرَارَ بِأَنْ قَالَ وَكَّلْتُك غَيْرَ جَائِزِ الْإِقْرَارِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ مَنْ لَا يَلِي غَيْرَهُ لَمْ يَجُزْ تَصَرُّفُهُ فِي حَقِّهِ) النَّفْيُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى لَا يَلْزَمُ إذَا كَانَ لَهُ مُجِيزٌ حَالَ التَّصَرُّفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ]
(قَوْلُهُ وَالْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ يَمْلِكُهَا أَيْ الْخُصُومَةَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) أَيْ خِلَافًا لَهُمَا وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا وَكَّلَهُ الدَّائِنُ وَأَمَّا إذَا وَكَّلَهُ الْقَاضِي بِقَبْضِ دَيْنِ الْغَائِبِ لَا يَكُونُ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ اتِّفَاقًا كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ عَنْ الْخَانِيَّةِ.
(قَوْلُهُ الْوَكِيلُ بِهَا أَيْ الْخُصُومَةِ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا) يَعْنِي مَا لَمْ يَغِبْ مُوَكِّلُهُ وَإِذَا غَابَ يُجْبَرُ عَلَيْهَا لِدَفْعِ الضَّرَرِ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي بَابِ رَهْنٍ يُوضَعُ عِنْدَ عَدْلٍ (قَوْلُهُ ثُمَّ أَرَادَ الْخَصْمُ الدَّفْعَ لَا تُسْمَعُ عَلَى الْوَكِيلِ) أَيْ وَيُحْكَمُ بِالْمَالِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيُتْبَعُ الدَّائِنُ بِدَفْعِهِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ كَذَا فِي الصُّغْرَى) وَقَدْ أَسْنَدَهُ فِيهَا مُصَنِّفُهَا إلَى وَالِدِهِ بِقَوْلِهِ هَكَذَا قَالَهُ الْوَالِدُ بُرْهَانُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -
(قَوْلُهُ صَحَّ إقْرَارُ الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ) هَذَا فِي غَيْرِ الْحَدِّ وَالْقِصَاصِ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالْخُصُومَةِ جُعِلَ تَوْكِيلًا بِالْجَوَابِ مَجَازًا فَتَمَكَّنَتْ فِيهِ شُبْهَةُ الْعَدَمِ فِي إقْرَارِ الْوَكِيلِ فَيُورِثُ شُبْهَةً فِي دَرْءِ مَا يُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَقَيَّدَ بِالْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ احْتِرَازًا عَنْ الْوَكِيلِ بِالصُّلْحِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْإِقْرَارَ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالْخُصُومَةِ إنَّمَا مَلَكَ الْإِقْرَارَ لِكَوْنِهِ مِنْ أَفْرَادِ الْجَوَابِ وَالصُّلْحُ مُسَالَمَةٌ لَا مُخَاصَمَةٌ وَلِهَذَا قُلْنَا الْوَكِيلُ بِالصُّلْحِ لَا يَمْلِكُ الْخُصُومَةَ وَالْوَكِيلُ بِالْخُصُومَةِ لَا يَمْلِكُ الصُّلْحَ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِعَقْدٍ لَا يُبَاشِرُ عَقْدًا آخَرَ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ كَذَا إذَا اسْتَثْنَى الْإِقْرَارَ) مِثْلُهُ صِحَّةُ اسْتِثْنَاءِ الْإِنْكَارِ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ الْإِنْكَارُ مِنْهُمَا اهـ.
وَجَعَلَهُ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى