الْبَيْعَ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ التَّبَرُّعِ حَتَّى اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ الْإِذْنُ، وَلَهُ أَنَّهُ تِجَارَةٌ وَالْعَبْدُ مُتَصَرِّفٌ بِأَهْلِيَّةِ نَفْسِهِ فَصَارَ كَالْحُرِّ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ (وَيُوَكَّلُ بِهِمَا) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَتَفَرَّغُ بِنَفْسِهِ (وَيَرْهَنُ وَيَرْتَهِنُ وَيَتَقَبَّلُ الْأَرْضَ) أَيْ يَأْخُذُهَا قُبَالَةً بِالِاسْتِئْجَارِ وَالْمُسَاقَاةِ (وَيَأْخُذُهَا مُزَارَعَةً وَيَشْتَرِي بِزْرًا يَزْرَعُهُ وَيَسْتَأْجِرُ أَجِيرًا) مُشَاهَرَةً أَوْ مُسَانَهَةً (وَيُؤَجِّرُ نَفْسَهُ، وَيُضَارِبُ) أَيْ يَدْفَعُ الْمَالَ مُضَارَبَةً، وَيَأْخُذُهُ (وَيُشَارِكُ عِنَانًا) لِأَنَّهَا مِنْ صَنِيعِ التُّجَّارِ أَيْ الْمَذْكُورَاتِ (وَيُقِرُّ بِدَيْنٍ) ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِهِ مِنْ تَوَابِعِ التِّجَارَةِ إذْ لَوْ لَمْ يَصِحَّ لَمْ يُعَامِلْهُ أَحَدٌ (لِغَيْرِ زَوْجٍ وَوَلَدٍ وَوَالِدٍ) فَإِنَّ إقْرَارَهُ لَهُمْ بِالدَّيْنِ بَاطِلٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا، وَهُوَ كَالِاخْتِلَافِ فِي بَيْعِ الْوَكِيلِ مِنْهُمْ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ (وَ) يُقِرُّ أَيْضًا (بِغَصْبٍ الْوَدِيعَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِهِمَا أَيْضًا مِنْ تَوَابِعِ التِّجَارَةِ، أَمَّا الثَّانِي فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ ضَمَانَ الْغَصْبِ ضَمَانُ مُعَاوَضَةٍ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الْمَغْصُوبَ بِالضَّمَانِ (وَيُهْدِي طَعَامًا يَسِيرًا) تَحْقِيقًا لِمَعْنَى الْإِذْنِ، (وَيُضَيِّفُ مَنْ يُطْعِمُهُ) لِأَنَّهُ مِنْ ضَرُورَاتِ التِّجَارَةِ اسْتِجْلَابًا لِقُلُوبِ أَهْلِ حِرْفَتِهِ (وَيَحُطُّ مِنْ الثَّمَنِ بِعَيْبٍ) مِثْلُ مَا يَحُطُّ التُّجَّارُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ صَنِيعِهِمْ وَرُبَّمَا يَكُونُ الْحَطُّ أَنْظَرَ لَهُ مِنْ قَبُولِ الْمَعِيبِ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ الْحَطِّ بِلَا عَيْبٍ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ مَحْضٌ، (وَيَأْذَنُ لِعَبْدِهِ) ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ (وَلَا يَتَزَوَّجُ إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَى) ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ بِالتِّجَارَةِ لَيْسَ إذْنًا بِهِ (وَلَا يَتَسَرَّى وَإِنْ أَذِنَ لَهُ) كَذَا فِي تُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ.
وَفِي التَّلْوِيحِ فِي بَيَانِ الْعَوَارِضِ عَلَى الْأَهْلِيَّةِ (وَلَا يُزَوِّجُ رَقِيقَهُ وَلَا يُكَاتِبُهُ) ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ التِّجَارَةِ (وَلَا يُعْتِقُ) لِأَنَّهُ فَوْقَ الْكِتَابَةِ (مُطْلَقًا) أَيْ عَلَى مَالٍ أَوْ لَا، (وَلَا يُقْرِضُ) لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ ابْتِدَاءً (وَلَا يَهَبُ) ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ مَحْضٌ (مُطْلَقًا) أَيْ بِعِوَضٍ أَوْ لَا (وَلَا يُبْرِئُ) لِأَنَّهُ كَالْهِبَةِ (وَلَا يَكْفُلُ) لِكَوْنِهِ ضَرَرًا مَحْضًا (مُطْلَقًا) أَيْ لَا بِالنَّفْسِ وَلَا بِالْمَالِ (دَيْنٌ وَجَبَ بِتِجَارَتِهِ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ الْآتِي يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ (أَوْ بِمَا هُوَ بِمَعْنَاهَا) كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَإِجَارَةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ حَتَّى اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ) لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ؛ لِأَنَّ الْمَأْذُونَ إذَا حَابَى فِي مَرَضِ الْمَوْتِ اُعْتُبِرَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَإِنْ كَانَ فَمِنْ جَمِيعِ مَا يَبْقَى بَعْدَ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُحِيطًا بِمَا فِي يَدِهِ يُقَالُ لِلْمُشْتَرِي أَدِّ جَمِيعَ الْمُحَابَاةِ وَإِلَّا فَرُدَّ الْمَبِيعَ كَمَا فِي الْحُرِّ هَذَا إذَا كَانَ الْمَوْلَى صَحِيحًا وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا لَا تَصِحُّ مُحَابَاةُ الْعَبْدِ إلَّا مِنْ ثُلُثِ مَالِ الْمَوْلَى سَوَاءٌ الْفَاحِشُ وَغَيْرُ الْفَاحِشِ مِنْ الْمُحَابَاةِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ،.
وَفِي النِّهَايَةِ بِأَوْسَعَ مِنْ هَذَا (قَوْلُهُ وَيَأْخُذُهَا مُزَارَعَةً وَيَشْتَرِي بَذْرًا يَزْرَعُهُ) ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَأْجِرًا لَهَا بِبَعْضِ الْخَارِجِ وَأَنَّهُ أَنْفَعُ مِنْ الِاسْتِئْجَارِ بِالدَّرَاهِمِ فَإِنَّهُ هُنَاكَ يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الْخَارِجُ، وَهَهُنَا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذَا لَمْ يَحْصُلْ وَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً وَلَوْ بِبَذْرٍ مِنْ قِبَلِهِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَيُشَارِكُ عِنَانًا لِأَنَّهَا مِنْ صَنِيعِ التُّجَّارِ) اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْمُفَاوَضَةِ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ مُفَاوَضَةً؛ لِأَنَّهَا تَتَضَمَّنُ الْكَفَالَةَ وَهُوَ لَا يَمْلِكُهَا لِكَوْنِهَا تَبَرُّعًا اهـ.
وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ شَرِكَةُ الْعِنَانِ إنَّمَا تَصِحُّ مِنْهُ إذَا اشْتَرَكَ الشَّرِيكَانِ مُطْلَقًا عَنْ ذِكْرِ الشِّرَاءِ بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ، أَمَّا لَوْ اشْتَرَكَ الْعَبْدَانِ الْمَأْذُونَانِ شَرِكَةَ عِنَانٍ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ بَيْنَهُمَا لَمْ يَجُزْ مِنْ ذَلِكَ النَّسِيئَةُ وَجَازَ النَّقْدُ؛ لِأَنَّ فِي النَّسِيئَةِ مَعْنَى الْكَفَالَةِ عَنْ صَاحِبِهِ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُمَا الْمَوْلَيَانِ فِي الشَّرِكَةِ عَلَى الشِّرَاءِ بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِمَا فَهُوَ جَائِزٌ كَمَا لَوْ أَذِنَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَوْلَاهُ بِالْكَفَالَةِ أَوْ التَّوْكِيلِ بِالشِّرَاءِ بِالنَّسِيئَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالذَّخِيرَةِ غَيْرَ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ، وَإِذَا أَذِنَ لَهُ الْمَوْلَى بِشَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ فَلَا تَجُوزُ الْمُفَاوَضَةُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ إذْنَ الْمَوْلَى بِالْكَفَالَةِ لَا يَجُوزُ فِي التِّجَارَاتِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَيُقِرُّ بِدَيْنٍ) لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا إذَا أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ، وَإِنْ فِي مَرَضِهِ قُدِّمَ غُرَمَاءُ الصِّحَّةِ كَمَا فِي الْحُرِّ (قَوْلُهُ كَذَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ) لَكِنَّهُ لَمْ يَخُصَّهُ بِالدَّيْنِ فَإِنَّ عِبَارَتَهُ وَيُقِرُّ بِدَيْنٍ وَغَصْبٍ الْوَدِيعَةٍ، ثُمَّ قَالَ وَبَطَلَ إقْرَارُهُ لِلزَّوْجِ وَالْوَلَدِ وَالْوَالِدَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا اهـ.
(قَوْلُهُ وَيُهْدِي طَعَامًا يَسِيرًا) احْتِرَازٌ بِهِ عَمَّا سِوَى الْمَأْكُولَاتِ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالثِّيَابِ إلَّا أَنْ يَهَبَ مَا لَا يُسَاوِي دِرْهَمًا وَإِنْ أَجَازَ الْمَوْلَى هِبَتَهُ صَحَّتْ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَيَمْلِكُ التَّصَدُّقَ بِالْفَلْسِ وَالرَّغِيفِ وَبِالْفِضَّةِ مَا دُونَ الدِّرْهَمِ (قَوْلُهُ وَيُضَيِّفُ مَنْ يُطْعِمُهُ) الْمُرَادُ ضِيَافَةً يَسِيرَةً اسْتِحْسَانًا، وَالضِّيَافَةُ الْعَظِيمَةُ مُبْقَاةٌ عَلَى الْقِيَاسِ، وَالْفَاصِلُ بَيْنَهُمَا مَا رَوَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَّهُ قَالَ عَلَى قَدْرِ مَالِ التِّجَارَةِ إنْ كَانَ عَشَرَةً فَاِتَّخَذَ ضِيَافَةً بِمِقْدَارِ دَانَقٍ فَذَاكَ كَثِيرٌ عُرْفًا كَمَا فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَيَأْذَنُ لِعَبْدِهِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ) لَمْ أَرَهُ فِي هَذَا الْبَابِ فِيهِ صَرِيحًا؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي تَعْلِيلِ قَوْلِ الْكَنْزِ وَلَا يُكَاتِبُ وَالشَّيْءُ لَا يَتَضَمَّنُ مَا هُوَ فَوْقَهُ. .
اهـ. وَالْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي قَاضِي خَانْ (قَوْلُهُ لَيْسَ إذْنًا لَهُ) يَعْنِي بِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يُكَاتِبُهُ) أَيْ لَا يُكَاتِبُ رَقِيقَهُ فَإِنْ فَعَلَ وَأَجَازَهُ الْمَوْلَى صَارَ مُكَاتِبًا لَهُ، وَخَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُونَ كَسْبًا لِعَبْدِهِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يُعْتِقُ مُطْلَقًا) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ لَوْ أُعْتَقَ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَأَجَازَهُ الْمَوْلَى نَفَذَ وَيَكُونُ قَبْضُ الْبَدَلِ إلَيْهِ لَوْ كَانَ الْعِتْقُ عَلَى مَالٍ. اهـ.
وَلَوْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَأَجَازَ الْمَوْلَى الْعِتْقَ جَازَ وَضَمِنَ قِيمَةَ الْعَبْدِ لِغُرَمَاءِ الْمَأْذُونِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ