وَإِذَا تَمَّ الشَّهْرُ الْأَوَّلُ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَنْقُضَ الْإِجَارَةَ لِانْتِهَاءِ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ.

(وَفِي كُلِّ شَهْرٍ سَكَنَ فِي أَوَّلِهِ) ، فَإِنَّهُ إذَا سَكَنَ سَاعَةً مِنْ الشَّهْرِ الثَّانِي صَحَّ الْعَقْدُ فِيهِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُؤَجِّرِ أَنْ يُخْرِجَهُ إلَى أَنْ يَنْقَضِيَ إلَّا بِعُذْرٍ وَكَذَا كُلُّ شَهْرٍ سَكَنَ فِي أَوَّلِهِ؛ لِأَنَّ التَّرَاضِيَ مِنْهُمَا بِالْعَقْدِ يَتِمُّ بِالسُّكْنَى فِي الشَّهْرِ الثَّانِي وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ وَقَدْ مَالَ إلَيْهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْخِيَارُ فِي اللَّيْلَةِ الْأُولَى مِنْ الشَّهْرِ الدَّاخِلِ وَيَوْمِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ رَأْسُ الشَّهْرِ وَفِي اعْتِبَارِ الْأَوَّلِ نَوْعُ حَرَجٍ (إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ الْكُلَّ) بِأَنْ يَقُولَ: آجَرْتهَا سِتَّةَ أَشْهُرٍ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا مُتَعَلِّقٌ بِالْمَسْأَلَتَيْنِ مَعًا يَعْنِي إذَا بَيَّنَ جُمْلَةَ الشُّهُورِ وَعَيَّنَ حِصَّةَ كُلٍّ مِنْهَا جَازَ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّ الْمُدَّةَ صَارَتْ مَعْلُومَةً فَارْتَفَعَ الْمَانِعُ مِنْ الْجَوَازِ -

(أَجَّرَهَا سَنَةً بِكَذَا صَحَّ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ أَجْرَ كُلِّ شَهْرٍ) ؛ لِأَنَّ الْمُدَّةَ مَعْلُومَةٌ أَلَا يَرَى أَنَّ إجَارَةَ شَهْرٍ وَاحِدٍ تَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ قِسْطَ كُلِّ يَوْمٍ (وَأَوَّلُ الْمُدَّةِ مَا سَمَّى) بِأَنْ يَقُولَ مِنْ شَهْرِ رَجَبٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ شَيْئًا (فَوَقْتُ الْعَقْدِ) ؛ لِأَنَّ الْأَوْقَاتَ كُلَّهَا فِي حُكْمِ الْإِجَارَةِ سَوَاءٌ وَفِي مِثْلِهِ يَتَعَيَّنُ الزَّمَانُ الَّذِي يَعْقُبُ السَّبَبَ كَمَا فِي الْآجَالِ بِأَنْ بَاعَ إلَى شَهْرٍ وَالْأَيْمَانِ بِأَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا حَيْثُ اعْتَبَرَ فِيهِمَا الِابْتِدَاءَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ التَّكَلُّمِ -

(فَإِنْ كَانَ) أَيْ الْعَقْدُ (حِينَ يَهُلُّ الْهِلَالُ اعْتَبَرَ الْأَهِلَّةَ) أَيْ شُهُورَ السَّنَةِ كُلِّهَا بِالْأَهِلَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَهِلَّةَ أَصْلٌ فِي الشُّهُورِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ} [البقرة: 189] (وَإِلَّا فَالْأَيَّامُ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ إذَا تَعَذَّرَ يُصَارُ إلَى الْبَدَلِ -

(اسْتَأْجَرَ عَبْدًا بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ وَبِطَعَامِهِ لَمْ يَجُزْ) لِجَهَالَةِ بَعْضِ الْأَجْرِ، جَازَ (إجَارَةُ الْحَمَّامِ) فَجَازَ أَخْذُ أُجْرَتِهِ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «دَخَلَ الْحَمَّامَ فِي الْجُحْفَةِ» وَلِتَعَارُفِ النَّاسِ (وَالْحَجَّامِ) لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «احْتَجَمَ وَأَعْطَى أُجْرَتَهُ» (وَالظِّئْرِ بِأَجْرٍ مُعَيَّنٍ) وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَصِحَّ؛ لِأَنَّهَا تَرِدُ عَلَى اسْتِهْلَاكِ الْعَيْنِ وَهُوَ اللَّبَنُ فَصَارَ كَاسْتِئْجَارِ الْبَقَرَةِ أَوْ الشَّاةِ لِيَشْرَبَ لَبَنَهَا أَوْ الْبُسْتَانِ لِيَأْكُلَ ثَمَرَهُ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6] وَعَلَيْهِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ وَقَدْ جَرَى بِهِ التَّعَامُلُ فِي الْإِعْصَارِ بِلَا نَكِيرٍ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْعَقْدَ وَرَدَ عَلَى اسْتِهْلَاكِ الْعَيْنِ بَلْ عَلَى الْمَنْفَعَةِ وَهِيَ حَضَانَةُ الصَّبِيِّ وَتَلْقِيمُهُ ثَدْيَهَا وَتَرْبِيَتُهُ وَخِدْمَتُهُ وَاللَّبَنُ تَابِعٌ، وَإِنَّمَا لَا تَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ إذَا أَرْضَعَتْ بِلَبَنِ الشَّاةِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَأْتِ بِالْعَمَلِ الْوَاجِبِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ إيجَارٌ وَلَيْسَ بِإِرْضَاعٍ (وَطَعَامُهَا وَكِسْوَتُهَا) وَعِنْدَهُمَا لَا تَجُوزُ لِلْجَهَالَةِ وَلَهُ أَنَّ الْجَهَالَةَ إنَّمَا تُفْسِدُ الْعَقْدَ لِإِفْضَائِهَا إلَى الْمُنَازَعَةِ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ بَيْنَ النَّاسِ التَّوْسِعَةُ عَلَى الْآظَارِ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ ذَلِكَ تَرْجِعُ إلَى أَوْلَادِهِمْ -

(وَلِلزَّوْجِ وَطْؤُهَا لَا فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ إلَّا بِإِذْنِهِ) يَعْنِي لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَمْنَعَ زَوْجَهَا مِنْ وَطْئِهَا؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ حَقُّ الزَّوْجِ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إبْطَالِهِ حَقَّهُ لَكِنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَمْنَعُهُ مِنْ وَطْئِهَا فِي مَنْزِلِهِ؛ لِأَنَّ الْمَنْزِلَ مِلْكُهُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَدْخُلَ بِلَا إذْنِهِ (وَلَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ (فِي نِكَاحٍ ظَاهِرٍ) بَيْنَ النَّاسِ أَوْ عَلَيْهِ شُهُودٌ (فَسْخُهَا) أَيْ فَسْخُ إجَارَةِ الظِّئْرِ (لَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ) سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ مِمَّنْ يَشِينُهُ أَنْ تَكُونَ امْرَأَتُهُ ظِئْرًا أَوْ لَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْإِجَارَةَ تُوجِبُ خَلَلًا فِي حَقِّ الزَّوْجِ وَلِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَ امْرَأَتَهُ عَمَّا يُوجِبُ خَلَلًا فِي حَقِّهِ (وَفِيمَا) أَيْ فِي نِكَاحٍ غَيْرِ ظَاهِرٍ بَلْ (بِإِقْرَارِهَا لَا) أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ قَدْ لَزِمَهَا وَقَوْلُهَا غَيْرُ مَقْبُولٍ فِي حَقِّ مَنْ اسْتَأْجَرَهَا

ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا بَلَغَ اهـ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ

(قَوْلُهُ: وَإِذَا تَمَّ الشَّهْرُ الْأَوَّلُ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَنْقُضَ الْإِجَارَةَ) أَقُولُ هَذَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ حَاضِرًا، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ وَقِيلَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَجُوزُ وَكَذَا لَوْ قَدَّمَ أُجْرَةَ شَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَقَبَضَ الْأُجْرَةَ لَا يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْفَسْخُ فِي قَدْرِ الْمُعَجَّلِ أُجْرَتِهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ: وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْخِيَارُ) أَقُولُ وَبِهِ يُفْتَى كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ: وَفِي اعْتِبَارِ الْأَوَّلِ نَوْعُ حَرَجٍ) أَقُولُ الْمُرَادُ بِهِ أَوَّلُ سَاعَةٍ مِنْ الشَّهْرِ

(قَوْلُهُ: اسْتَأْجَرَ عَبْدًا بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ وَبِطَعَامِهِ لَمْ يَجُزْ) أَقُولُ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرَطَ طَعَامَ الْعَبْدِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا عَلَى أَنْ يَكُونَ طَعَامُهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ دَابَّةً عَلَى أَنْ يَكُونَ عَلَفُهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي الدَّابَّةِ نَأْخُذُ بِقَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ أَمَّا فِي زَمَانِنَا الْعَبْدُ يَأْكُلُ مِنْ مَالِ الْمُسْتَأْجِرِ عَادَةً اهـ.

(قَوْلُهُ: وَطَعَامُهَا وَكِسْوَتُهَا) أَقُولُ كَانَ الْأَوْلَى إعَادَةَ حَرْفِ الْجَرِّ بِأَنْ يَقُولَ وَبِطَعَامِهَا وَكِسْوَتِهَا؛ لِأَنَّهَا مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَلَيْسَتْ تَتْمِيمًا لِلْأُولَى (قَوْلُهُ: وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ) يَعْنِي فَالْجَوَازُ قَالَ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ قَالَهُ اسْتِحْسَانًا وَلَهَا الْوَسَطُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ

(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ. . . إلَخْ) أَقُولُ هَذَا فِي الْأَصَحِّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015