ابْتِدَاءُ كَذَا فِي الْكَافِي (وَإِنْ خُصِّصَ) بِرَاكِبٍ وَلَابِسٍ (فَخَالَفَ ضَمِنَ) ؛ لِأَنَّهُ تَعَدَّى (كَذَا كُلُّ مَا يَخْتَلِفُ بِالْمُسْتَعْمَلِ كَالْفُسْطَاطِ) حَتَّى لَوْ اسْتَأْجَرَهُ فَدَفَعَهُ إلَى غَيْرِهِ إجَارَةً أَوْ إعَارَةً فَقَبَضَهُ وَسَكَنَ فِيهِ ضَمِنَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِتَفَاوُتِ النَّاسِ فِي نَصْبِهِ وَاخْتِيَارِ مَكَانِهِ وَضَرْبِ أَوْتَادِهِ.

وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لِلسُّكْنَى فَصَارَ كَالدَّارِ (وَفِيمَا لَا يُخْتَلَفُ بِهِ) أَيْ بِالْمُسْتَعْمَلِ (بَطَلَ التَّقْيِيدُ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُفِيدٍ -

(فَإِنْ سَمَّى) فِي الْحَمْلِ (نَوْعًا وَقَدْرًا كَكُرِّ بُرٍّ لَهُ) أَيْ لِلْمُسْتَأْجِرِ (حَمْلُ مِثْلِهِ) فِي الضَّرَرِ، وَإِنْ تَسَاوَيَا (وَزْنًا وَالْأَخَفُّ كَالسِّمْسِمِ وَالشَّعِيرِ لَا الْأَضَرَّ كَالْمِلْحِ وَالْحَدِيدِ) حَتَّى إذَا اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا قُطْنًا سَمَّاهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا مِثْلَ وَزْنِهِ حَدِيدًا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَكُونُ أَضَرَّ بِالدَّابَّةِ؛ لِأَنَّ الْحَدِيدَ يَجْتَمِعُ فِي مَوْضِعٍ مِنْ ظَهْرِهَا وَالْقُطْنُ يَنْبَسِطُ عَلَى ظَهْرِهَا (وَضَمِنَ بِإِرْدَافِ رَجُلٍ إنْ ذَكَرَ رُكُوبَهُ) أَيْ رُكُوبَ نَفْسِهِ (نِصْفَ قِيمَتِهَا) بِلَا اعْتِبَارِ الثِّقَلِ بَيْنَ الْمُرْدِفِ وَالرَّدِيفِ، فَإِنَّ الْخَفِيفَ الْجَاهِلَ بِالْفُرُوسِيَّةِ قَدْ يَكُونُ أَضَرَّ مِنْ الثَّقِيلِ الْعَالِمِ بِهَا ذَكَرَ الْإِرْدَافَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَكِبَهَا وَحَمَلَ عَلَى عَاتِقِهِ غَيْرَهُ ضَمِنَ جَمِيعَ الْقِيمَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ تُطِيقُ حَمْلَهُمَا؛ لِأَنَّ ثِقَلَ الرَّاكِبِ مَعَ الَّذِي حَمَلَهُ يَجْتَمِعَانِ فِي مَكَان فَيَكُونُ أَشَقَّ عَلَى الدَّابَّةِ أَمَّا إذَا كَانَتْ لَا تَضِيقُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ جَمِيعُ الضَّمَانِ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ رَجُلًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَرْدَفَ صَبِيًّا لَا يَسْتَمْسِكُ ضَمِنَ مَا زَادَ الثِّقَلُ، فَإِنْ كَانَ صَبِيًّا يَسْتَمْسِكُ فَهُوَ كَالرَّجُلِ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ (وَ) ضَمِنَ (بِالزِّيَادَةِ عَلَى حَمْلٍ مَعْلُومٍ مَا زَادَ إنْ أَطَاقَتْ الْحَمْلَ) أَيْ ضَمِنَ قَدْرَ مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الْحَمْلِ الْمَعْلُومِ فِي الثِّقَلِ؛ لِأَنَّهَا هَلَكَتْ بِمَأْذُونٍ فِيهِ وَغَيْرِ مَأْذُونٍ فِيهِ وَالسَّبَبُ الثِّقَلُ فَانْقَسَمَ عَلَيْهِمَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُطِقْ حَمْلَ مِثْلِهِ (فَيَضْمَنُ كُلَّ قِيمَتِهَا) لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِيهِ فَيَكُونُ إهْلَاكًا (كَهَلَاكِهَا بِضَرْبِهِ) أَيْ الرَّاكِبِ (وَكَبْحِهِ) وَهُوَ أَنْ يَجْذِبَهَا إلَى نَفْسِهِ لِتَقِفَ وَلَا تَجْرِيَ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ بِهِمَا؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ مُقَيَّدٌ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ لِتَحَقُّقِ السَّوْقِ بِدُونِهِ (وَجَوَازِهِ بِهَا) أَيْ الدَّابَّةِ (عَمَّا) أَيْ عَنْ مَكَان (اُسْتُؤْجِرَتْ إلَيْهِ وَلَوْ) وَصْلِيَّةً (ذَاهِبًا وَجَائِيًا) أَيْ لِلذَّهَابِ وَالْمَجِيءِ (وَرَدِّهَا إلَيْهِ) عَطْفٌ عَلَى جَوَازِهِ بِهَا يَعْنِي إذَا اسْتَأْجَرَهَا إلَى مَوْضِعٍ فَجَاوَزَ بِهَا إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ ثُمَّ رَدَّهَا إلَى الْأَوَّلِ ثُمَّ نَفَقَتْ فَهُوَ ضَامِنٌ قِيلَ تَأْوِيلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا اسْتَأْجَرَهَا ذَاهِبًا لَا جَائِيًا لِيَنْتَهِيَ الْعَقْدُ بِالْوُصُولِ إلَى الْأَوَّلِ فَلَا تَصِيرُ بِالْعَوْدِ مَرْدُودَةً إلَى يَدِ الْمَالِكِ مَعْنًى أَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَهَا ذَاهِبًا وَجَائِيًا يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْمُودَعِ إذَا خَالَفَ فِي الْوَدِيعَةِ ثُمَّ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ وَقِيلَ الْجَوَابُ يَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُودَعَ مَأْمُورٌ بِالْحِفْظِ مَقْصُودًا فَبَقِيَ الْأَمْرُ بِالْحِفْظِ بَعْدَ الْعَوْدِ إلَى الْوِفَاقِ فَيَحْصُلُ الرَّدُّ إلَى نَائِبِ الْمَالِكِ وَفِي الْإِجَارَةِ وَالْعَارِيَّةِ يَصِيرُ الْحِفْظُ مَأْمُورًا بِهِ تَبَعًا لِلِاسْتِعْمَالِ لَا مَقْصُودًا، فَإِذَا انْقَطَعَ الِاسْتِعْمَالُ لَمْ يَبْقَ هُوَ نَائِبًا فَلَا يَبْرَأُ بِالْعَوْدِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ هَذَا أَصَحُّ وَقَالَ فِي الْكَافِي الْأَوَّلُ أَصَحُّ

-

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنْ تَسَاوَيَا وَزْنًا) أَقُولُ الْوَاوُ زَائِدَةٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَخَفُّ كَالسِّمْسِمِ وَالشَّعِيرِ) أَقُولُ يَعْنِي لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِحَمْلِ مِقْدَارٍ مِنْ الْبُرِّ لَهُ عَمَلٌ مِثْلُ كَيْلِهِ سِمْسِمًا أَوْ شَعِيرًا وَكَذَا مِثْلُ وَزْنِهِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَكُونُ أَضَرَّ) أَقُولُ بَلْ مَجْزُومٌ بِضُرِّهِ عَلَى أَنَّهُ جَزَمَ بِهِ مِنْ قَبْلُ (قَوْلُهُ: وَضَمِنَ بِإِرْدَافِ رَجُلٍ. . . إلَخْ) .

أَقُولُ ذَكَرَ أَنَّهُ يَضْمَنُ نِصْفَ الْقِيمَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَاذَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَجْرِ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ.

وَفِي الْمُحِيطِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْأُجْرَةِ إذَا هَلَكَتْ بَعْدَمَا بَلَغَتْ مَقْصِدَهُ وَنِصْفَ الْقِيمَةِ ثُمَّ الْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الرَّدِيفَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الرَّاكِبَ فَالرَّاكِبُ لَا يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ وَالرَّدِيفُ يَرْجِعُ إنْ كَانَ مُسْتَأْجِرًا وَإِلَّا فَلَا كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ: وَضَمِنَ بِالزِّيَادَةِ عَلَى حَمْلٍ مَعْلُومٍ مَا زَادَ إنْ أَطَاقَتْ الْحَمْلَ) أَقُولُ وَهَذَا إذَا حَمَّلَهَا الزِّيَادَةَ مَعَ الْمُسَمَّى وَكَانَتْ مِنْ جِنْسِهِ حَتَّى لَوْ حَمَّلَهَا الْمُسَمَّى وَحْدَهُ ثُمَّ حَمَّلَهَا الزِّيَادَةَ وَحْدَهَا أَوْ حَمَّلَهَا وَكَانَتْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَعَطِبَتْ يَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَتِهَا كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ ثَوْرًا لِحِنْطَةٍ مَعْلُومَةٍ فَزَادَ يَجِبُ جَمِيعُ الْقِيمَةِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.

وَفِي تَتِمَّةِ الْفَتَاوَى اسْتَكْرَى دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشْرَ مَخَاتِيمَ بُرٍّ فَجَعَلَ فِي الْجُوَالِقِ عِشْرِينَ وَأَمَرَ الْمُكَارِيَ أَنْ يَحْمِلَ هُوَ عَلَيْهَا فَحَمَلَ هُوَ وَلَمْ يُشَارِكْهُ الْمُسْتَكْرِي فِي الْحَمْلِ لَا ضَمَانَ إنْ هَلَكَتْ وَلَوْ حَمَلَاهُ مَعًا وَوَضَعَاهُ عَلَيْهَا يَضْمَنُ الْمُسْتَكْرِي رُبُعَ الْقِيمَةِ وَلَوْ كَانَ الْبُرُّ فِي جُوَالِقَيْنِ فَحَمَلَ كُلٌّ جُوَالِقًا وَوَضَعَاهُمَا عَلَى الدَّابَّةِ مَعًا لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ شَيْئًا وَيُجْعَلُ حَمْلُهُ مِمَّا اُسْتُحِقَّ بِالْعَقْدِ اهـ (قَوْلُهُ وَجَوَازُهُ بِهَا عَمَّا اُسْتُؤْجِرَتْ إلَيْهِ وَلَوْ ذَاهِبًا وَجَائِيًا وَرَدَّهَا إلَيْهِ) قَالَ فِي الْكَافِي هَذَا أَصَحُّ. اهـ. كَمَا سَنَذْكُرُهُ (قَوْلُهُ: بِمَنْزِلَةِ الْمُودَعِ إذَا خَالَفَ. . . إلَخْ) سَنَذْكُرُ فِي بَابِ التَّصَرُّفِ وَالْجِنَايَةِ فِي الرَّهْنِ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ وَالْمُسْتَعِيرَ إذَا خَالَفَ ثُمَّ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ لَا يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى (قَوْلُهُ وَقِيلَ الْجَوَابُ يَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ) تَفْسِيرُ الْإِطْلَاقِ بِأَنْ اسْتَأْجَرَهَا ذَهَابًا وَإِيَابًا (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْهِدَايَةِ هَذَا أَصَحُّ) وَقَالَ فِي الْكَافِي الْأَوَّلُ أَصَحُّ أَقُولُ هَذَا وَهْمٌ؛ لِأَنَّهُ اعْتَمَدَ فِي الْكَافِي عَلَى التَّصْحِيحِ الَّذِي اعْتَمَدَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ مَا اعْتَمَدَاهُ مِنْ التَّصْحِيحِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي الْكَافِي قِيلَ هَذَا أَيْ الضَّمَانُ بِالْمُجَاوَزَةِ إذَا اسْتَأْجَرَهَا ذَهَابًا لَا جَائِيًا لِانْقِضَاءِ الْعَقْدِ دُونَ مَا إذَا اسْتَأْجَرَهَا ذَاهِبًا وَجَائِيًا لِبَقَاءِ الْعَقْدِ وَقِيلَ بَلْ هُوَ ضَامِنٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015