بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ (وَسَقَطَ خِيَارُهُ) إذَا اشْتَرَى (بِجَسِّهِ) فِيمَا يُدْرَكُ بِالْجَسِّ (وَشَمِّهِ) فِيمَا يُدْرَكُ بِالشَّمِّ (وَذَوْقِهِ) فِيمَا يُدْرَكُ بِالذَّوْقِ (وَوَصْفِ الْعَقَارِ) وَلَا عِبْرَةَ لِوُقُوفِهِ فِي مَكَان لَوْ كَانَ بَصِيرًا لَرَآهُ كَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَنَظَرِ وَكِيلِهِ) ؛ لِأَنَّهُ كَنَظَرِهِ (رَأَى أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ فَاشْتَرَاهُمَا، ثُمَّ رَأَى الْآخَرَ فَوَجَدَهُ مَعِيبًا لَهُ فَلَهُ رَدُّهُمَا لَا غَيْرُ) أَيْ لَا رَدُّ الْمَعِيبِ وَحْدَهُ لِئَلَّا يَلْزَمَ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ قَبْلَ تَمَامِهَا فَإِنَّهَا لَا تَتِمُّ مَعَ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ (شَرَى مَا رَأَى) أَيْ مَا رَآهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ (إنْ تَغَيَّرَ خُيِّرَ) لِأَنَّهُ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ إذْ بِالتَّغَيُّرِ صَارَ شَيْئًا آخَرَ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ (فَلَا) أَيْ لَا خِيَارَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَى شَيْئًا رَآهُ إلَّا إذَا لَمْ يَعْرِفْ أَنَّهُ الَّذِي رَآهُ قَبْلَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِهِ (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي التَّغْيِيرِ) فَقَالَ الْمُشْتَرِي قَدْ تَغَيَّرَ.
وَقَالَ الْبَائِعُ لَمْ يَتَغَيَّرْ (فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ) مَعَ يَمِينِهِ وَعَلَى الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةُ؛ لِأَنَّ سَبَبَ لُزُومِ الْعَقْدِ وَهُوَ الرُّؤْيَةُ السَّابِقَةُ ظَاهِرٌ وَالتَّغَيُّرُ حَادِثٌ وَالْقَوْلُ لِمَنْ يَتَمَسَّكُ بِالظَّاهِرِ هَذَا إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ قَرِيبَةً يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَتَغَيَّرُ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْمُدَّةِ، فَإِنْ بَعُدَتْ بِأَنْ رَأَى أَمَةً شَابَّةً، ثُمَّ اشْتَرَاهَا بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةً وَزَعَمَ الْبَائِعُ أَنَّهَا لَمْ تَتَغَيَّرْ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لَهُ (أَوْ) اخْتَلَفَا فِي (الرُّؤْيَةِ فَلِلْمُشْتَرِي) أَيْ الْقَوْلُ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ أَمْرًا حَادِثًا وَهُوَ الرُّؤْيَةُ (شَرَى عِدْلَ ثَوْبٍ وَقَبَضَ فَبَاعَ ثَوْبًا مِنْهُ أَوْ وَهَبَ وَسَلَّمَ لَمْ يَرُدَّهُ) أَيْ الْعِدْلَ (بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ أَوْ شَرْطٍ بَلْ بِعَيْبٍ) لِأَنَّ الرَّدَّ تَعَذَّرَ فِيمَا خَرَجَ مِنْ مِلْكِهِ وَفِي رَدِّهِ مَا بَقِيَ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ قَبْلَ تَمَامِهَا؛ لِأَنَّ الْخِيَارَيْنِ يَمْنَعَانِ تَمَامَهَا كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا خِيَارُ الْعَيْبِ فَلَا يَمْنَعُ تَمَامَهَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَفِيهِ وَضْعُ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمَا جَازَ التَّصَرُّفُ فِيهِ، فَإِنْ عَادَ الثَّوْبُ الَّذِي بَاعَهُ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ بِسَبَبٍ هُوَ فَسْخٌ بِأَنْ رَدَّ الْمُشْتَرِي الثَّانِي إلَيْهِ بِالْعَيْبِ بِالْقَضَاءِ أَوْ رَجَعَ الْأَوَّلُ فِي الْهِبَةِ فَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ، فَجَازَ أَنْ يَرُدَّ الْكُلَّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ لِارْتِفَاعِ الْمَانِعِ مِنْ الْأَصْلِ وَهُوَ لُزُومُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ لَا يَعُودُ بَعْدَ سُقُوطِهِ كَخِيَارِ الشَّرْطِ وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ الْقُدُورِيُّ.
(وَيُبْطِلُهُ) أَيْ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ (مُبْطِلُ خِيَارِ الشَّرْطِ) ، وَقَدْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَسَقَطَ خِيَارُهُ بِجَسِّهِ. . . إلَخْ) مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا وُجِدَ مِنْهُ الْجَسُّ وَنَحْوُهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ، وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى قَبْلَ أَنْ يُوجَدَ مِنْهُ ذَلِكَ لَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ بِوُجُودِهِ بَلْ يَثْبُتُ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ وَيَمْتَدُّ إلَى أَنْ يُوجَدَ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَى مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ فِي الصَّحِيحِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ فِيمَا يُدْرَكُ بِالْجَسِّ) يَعْنِي وَلَا يَحْتَاجُ لِغَيْرِ الْجَسِّ فَإِنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ لَا بُدَّ مِنْهُ كَأَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا فَلَا بُدَّ مِنْ صِفَةِ طُولِهِ وَعَرْضِهِ وَرُقْعَتِهِ مَعَ الْجَسِّ وَفِي الْحِنْطَةِ لَا بُدَّ مِنْ اللَّمْسِ وَالصِّفَةِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ.
(قَوْلُهُ فَوَجَدَهُ مَعِيبًا) تَقْيِيدٌ لِإِطْلَاقِ الْمَتْنِ وَهُوَ صَحِيحٌ، وَقَدْ وَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ مُطْلَقَةً عَنْ وِجْدَانِ الْعَيْبِ وَهُوَ الْأَنْسَبُ؛ لِأَنَّ الْبَابَ لِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ، وَإِنْ كَانَ حُكْمُ وُجُودِ الْعَيْبِ بِمَا لَمْ يَقْبِضْهُ كَحُكْمِ مَا لَمْ يَرَهُ مِنْ حَيْثِيَّةِ التَّخْيِيرِ بَيْنَ رَدِّ الثَّوْبَيْنِ أَوْ قَبُولِهِمَا مَعًا وَلَيْسَ لَهُ إمْسَاكُ مَا رَآهُ وَمَا لَيْسَ بِهِ عَيْبٌ دُونَ الْآخَرِ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَلْزَمَ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ قَبْلَ تَمَامِهَا) أَيْ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ غَيْرُ تَامٍّ قَبْلَ قَبْضِ الْآخَرِ إذْ لَا يُفِيدُ مِلْكَ التَّصَرُّفِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الرِّضَا بِالْعَقْدِ عَلَى تَقْدِيرِ السَّلَامَةِ وَهِيَ ثَابِتَةٌ ظَاهِرًا فَتَمَّ الْعَقْدُ وَأَفَادَ مِلْكَ التَّصَرُّفِ وَجَازَ رَدُّ الْمَعِيبِ وَحْدَهُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا لَا تَتِمُّ مَعَ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ) ، وَكَذَا مَعَ خِيَارِ الشَّرْطِ وَهَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى مُقَدَّرٍ وَهُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ التَّعْلِيلِ، وَإِنَّمَا اسْتَوَى الْقَبْضُ وَعَدَمُهُ فِي عَدَمِ التَّمَامِ مَعَ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ لِخَلَلٍ فِي الرِّضَا بِالْعَقْدِ وَهُوَ الصَّفْقَةُ كَمَا لَا تَتِمُّ بِالْإِيجَابِ وَحْدَهُ لِعَدَمِ رِضَا الْآخَرِ بِالصَّفْقَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ بَعُدَتْ بِأَنْ رَأَى أَمَةً شَابَّةً، ثُمَّ اشْتَرَاهَا بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةً. . . إلَخْ) لَيْسَ الْمُرَادُ حَصْرُ الْبُعْدِ بِهَذَا؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْيَاءِ كَتَغَيُّرِ الْأَشْجَارِ فِي سَنَةٍ وَالدَّوَابِّ بِمَا دُونَهَا لِقِلَّةِ الرَّعْيِ وَنَحْوِهِ وَلِذَا اقْتَصَرَ الزَّيْلَعِيُّ عَلَى قَوْلِهِ إلَّا إذَا بَعُدَتْ الْمُدَّةُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لَهُ أَلَا تَرَى أَنَّ الْجَارِيَةَ الشَّابَّةَ تَكُونُ عَجُوزًا بِطُولِ الْمُدَّةِ اهـ.
وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ إلَّا إنْ بَعُدَتْ الْمُدَّةُ عَلَى مَا قَالُوا وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا فَقِيلَ الْبَعِيدُ الشَّهْرُ فَمَا فَوْقَهُ وَالْقَرِيبُ دُونَ الشَّهْرِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ اهـ.
وَقَالَ الْكَمَالُ إنْ كَانَ لَا يَتَفَاوَتُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ غَالِبًا فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ التَّفَاوُتُ غَالِبًا فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي مِثَالُهُ لَوْ رَأَى أَمَةً أَوْ مَمْلُوكًا فَاشْتَرَاهُ بَعْدَ شَهْرٍ، وَقَالَ تَغَيَّرَ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الشَّهْرَ فِي مِثْلِهِ قَلِيلٌ اهـ. (قَوْلُهُ شَرَى عِدْلَ ثَوْبٍ) لَعَلَّهُ أَثْوَابٌ أَوْ ثِيَابٌ أَوْ بَزٌّ كَمَا هِيَ فِي عِبَارَةِ الْجَوْهَرَةِ اهـ.
وَالْعِدْلُ الْمِثْلُ وَالْمُرَادُ هُنَا الْغِرَارَةُ الَّتِي هِيَ عِدْلُ غِرَارَةٍ أُخْرَى عَلَى الْجَمَلِ أَوْ نَحْوِهِ أَيْ تُعَادِلُهَا وَفِيهَا أَثْوَابٌ كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْخِيَارَيْنِ يَمْنَعَانِ تَمَامَهَا كَمَا مَرَّ) الَّذِي مَرَّ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ لَا غَيْرُ وَذَكَرْت أَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ بِأَنْ رَدَّ الْمُشْتَرِي الثَّانِي إلَيْهِ بِعَيْبٍ بِالْقَضَاءِ أَوْ رَجَعَ الْأَوَّلُ فِي الْهِبَةِ) لَا حَصْرَ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَالشَّرْطِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ مَحْضٌ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ الرَّدَّ بِعَيْبٍ بِالْقَضَاءِ لِيَكُونَ فَسْخًا احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ كَانَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَإِنَّهُ إقَالَةٌ وَهِيَ لَيْسَتْ فَسْخًا مَحْضًا لِكَوْنِهَا بَيْعًا فِي حَقِّ الشَّفِيعِ (قَوْلُهُ فَجَازَ أَنْ يَرُدَّ الْكُلَّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ لِارْتِفَاعِ الْمَانِعِ مِنْ الْأَصْلِ) كَذَا ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَقَوْلُهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ. . . إلَخْ رِوَايَةُ عَلِيِّ بْنِ الْجَعْدِ عَنْهُ وَصَحَّحَهُ قَاضِي خَانْ وَحَقِيقَةُ الْمَلْحَظِ مُخْتَلِفٌ فَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ لَحَظَ الْبَيْعَ وَالْهِبَةَ مَانِعًا زَالَ فَيَعْمَلُ الْمُقْتَضَى وَهُوَ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ عَمَلَهُ وَلَحَظَ عَلَى