بِعَشَرَةٍ بِلَا خِيَارٍ وَفِي الثَّانِيَةِ بِتِسْعَةٍ بِهِ) أَيْ بِالْخِيَارِ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ فِي الْأَوَّلِ يَأْخُذُهُ بِأَحَدَ عَشَرَ بِالْخِيَارِ وَفِي الثَّانِي بِعَشَرَةٍ بِهِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَوَّلِ يَأْخُذُهُ بِعَشَرَةٍ وَنِصْفٍ بِالْخِيَارِ وَفِي الثَّانِي بِتِسْعَةٍ وَنِصْفٍ بِهِ؛ لِأَنَّ مِنْ ضَرُورَةِ مُقَابَلَةِ الذِّرَاعِ بِالدِّرْهَمِ مُقَابَلَةُ نِصْفِهِ بِنِصْفِهِ فَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُهَا، وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَمَّا أَفْرَدَ كُلَّ ذِرَاعٍ بِبَدَلٍ نَزَلَ كُلُّ ذِرَاعٍ مَنْزِلَةَ ثَوْبٍ، وَقَدْ انْتَقَصَ وَلَهُ أَنَّ الذِّرَاعَ وَصْفٌ فِي الْأَصْلِ، وَإِنَّمَا أَخَذَ حُكْمَ الْمِقْدَارِ بِالشَّرْطِ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِالذِّرَاعِ، فَإِذَا عُدِمَ عَادَ الْحُكْمُ إلَى الْأَصْلِ وَقِيلَ فِي الْكِرْبَاسِ الَّذِي لَا يَتَفَاوَتُ جَوَانِبُهُ لَا يَطِيبُ لِلْمُشْتَرِي مَا زَادَ عَلَى الْمَشْرُوطِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْمَوْزُونِ حَيْثُ لَا يَضُرُّهُ الْفَصْلُ فَيَجُوزُ بَيْعُ ذِرَاعٍ مِنْهُ (وَإِنْ زَادَهُ) أَيْ الْقَيْدَ الْمَذْكُورُ (فِي بَيْعِ الْمُتَفَاوِتِ صَحَّ فِي الْأَقَلِّ بِقَدْرِهِ وَخُيِّرَ) لِأَنَّهُ لَمَّا بَيَّنَ لِكُلٍّ مِنْهَا ثَمَنًا كَانَ كُلٌّ مِنْهَا مَبِيعًا فَصَحَّ فِي الْعَدَدِ الْمَوْجُودِ وَلَكِنَّهُ خُيِّرَ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ (وَفَسَدَ فِي الْأَكْثَرِ) لِأَنَّهُ إذَا كَانَ زَائِدًا تَبْقَى الْجَهَالَةُ فِي الْمَرْدُودِ الْمُتَفَاوِتِ فَيُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ (صَحَّ بَيْعُ عَشَرَةِ أَسْهُمٍ مِنْ مِائَةِ سَهْمٍ مِنْ دَارٍ) إجْمَاعًا (لَا عَشَرَةُ أَذْرُعٍ مِنْ مِائَةِ ذِرَاعٍ مِنْهَا) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا جَائِزٌ ذَكَرَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ نَقْلًا عَنْ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ وَالْإِمَامِ الْعَتَّابِيِّ أَنَّ قَوْلَهُمَا بِجَوَازِ الْبَيْعِ إذَا كَانَتْ الدَّارُ مِائَةَ ذِرَاعٍ، وَيُفْهَمُ هَذَا مِنْ تَعْلِيلِهِمَا أَيْضًا حَيْثُ قَالَا لِأَنَّ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ مِنْ مِائَةِ ذِرَاعٍ عُشْرُ الدَّارِ فَأَشْبَهَ عَشَرَةَ أَسْهُمٍ مِنْ مِائَةِ سَهْمٍ، وَلَهُ أَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ عَلَى قَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الدَّارِ لَا عَلَى شَائِعٍ؛ لِأَنَّ الذِّرَاعَ فِي الْأَصْلِ اسْمٌ لِخَشَبَةِ يُذْرَعُ بِهَا وَاسْتُعِيرَ هَاهُنَا لِمَا يَحِلُّهُ وَهُوَ مُعَيَّنٌ لَا مُشَاعٌ؛ لِأَنَّ الْمُشَاعَ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُذْرَعَ، فَإِذَا أُرِيدَ بِهِ مَا يُحِلُّهُ وَهُوَ مُعَيَّنٌ لَكِنَّهُ مَجْهُولُ الْمَوْضِعِ بَطَلَ الْعَقْدُ (وَلَا ثَوْبَيْنِ عَلَى أَنَّهُمَا هَرَوِيَّانِ، فَإِذَا أَحَدُهُمَا مَرْوِيٌّ) بِسُكُونِ الرَّاءِ (وَإِنْ بَيَّنَ ثَمَنَ كُلٍّ) لِأَنَّهُ جَعَلَ الْقَبُولَ فِي الْمَرْوِيِّ شَرْطَ جَوَازِ الْعَقْدِ فِي الْهَرَوِيِّ وَاشْتِرَاطُ قَبُولِ الْمَعْدُومِ فِي الْعَقْدِ يُفْسِدُهُ
(فَصْلٌ) اعْلَمْ أَنَّ هَاهُنَا أُصُولًا: الْأَوَّلُ أَنَّ كُلَّ مَا هُوَ مُتَنَاوِلٌ اسْمَ الْمَبِيعِ عُرْفًا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ صَرِيحًا وَالثَّانِي أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مُتَّصِلًا بِالْمَبِيعِ اتِّصَالَ قَرَارٍ كَانَ تَابِعًا لَهُ دَاخِلًا فِي الْمَبِيعِ وَمَا لَا فَلَا قَالُوا إنَّ مَا وُضِعَ لَأَنْ يَفْصِلَهُ الْبَشَرُ بِالْآخِرَةِ لَيْسَ بِاتِّصَالِ قَرَارٍ وَمَا وُضِعَ لَا لَأَنْ يَفْصِلَهُ فَهُوَ اتِّصَالُ قَرَارٍ، وَالثَّالِثُ أَنَّ مَا لَا يَكُونُ مِنْ الْقِسْمَيْنِ إنْ كَانَ مِنْ حُقُوقِ الْمَبِيعِ وَمَرَافِقِهِ يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ بِذِكْرِهَا وَإِلَّا فَلَا. إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَنَقُولُ (لَا يَدْخُلُ الْعُلُوُّ بِشِرَاءِ بَيْتٍ بِكُلِّ حَقٍّ لَهُ وَنَحْوِهِ) أَيْ بِمَرَافِقِهِ وَبِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهِ أَوْ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْبَيْتَ اسْمٌ لِمَا يُبَاتُ فِيهِ وَالْعُلُوُّ مِثْلُهُ وَالشَّيْءُ لَا يَسْتَتْبِعُ مِثْلَهُ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ إلَّا بِالتَّنْصِيصِ عَلَيْهِ (وَلَا) يَدْخُلُ الْعُلُوُّ أَيْضًا بِشِرَاءِ (مَنْزِلٍ إلَّا بِهِ) أَيْ بِالْقَيْدِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ الْمَنْزِلَ اسْمٌ بَيْنَ الدَّارِ وَالْبَيْتِ إذْ يَتَأَتَّى فِيهِ مَرَافِقُ السُّكْنَى بِنَوْعِ قُصُورٍ بِانْتِفَاءِ مَنْزِلِ الدَّوَابِّ فِيهِ فَلِشَبَهِهِ بِالدَّارِ يَدْخُلُ الْعُلُوُّ فِيهِ تَبَعًا عِنْدَ ذِكْرِ الْحُقُوقِ وَلِشَبَهِهِ بِالْبَيْتِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ بِدُونِهِ (وَيَدْخُلُ هُوَ) أَيْ الْعُلُوُّ (وَالْبِنَاءُ وَمِفْتَاحُ غَلْقٍ مُتَّصِلٍ) بِبَابِ الدَّارِ بِخِلَافِ الْمُنْفَصِلِ وَهُوَ الْقُفْلُ فَإِنَّهُ وَمِفْتَاحَهُ لَا يَدْخُلَانِ بِهَذَا الْقَيْدِ (وَالْكَنِيفُ بِشِرَاءِ دَارٍ بِحُدُودِهَا بِدُونِهِ) أَيْ بِدُونِ ذِكْرِ ذَلِكَ الْقَيْدِ أَمَّا الْعُلُوُّ فَلِأَنَّ الدَّارَ اسْمٌ لِمَا يُدَارُ عَلَيْهِ الْحُدُودُ وَالْعُلُوُّ مِنْهَا، وَكَذَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَلَهُ) يَعْنِي بِهِ الْإِمَامَ وَهُوَ دَلِيلُ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ فِي بَيْعِ الْمُتَفَاوِتِ) يَعْنِي كَمَا إذَا بَاعَ عِدْلًا.
(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ وَالْبِنَاءُ وَمِفْتَاحُ غَلَقٍ مُتَّصِلٍ وَالْكَنِيفُ بِشِرَاءِ دَارٍ. . . إلَخْ) أَقُولُ وَكَذَا يَنْبَغِي بِشِرَاءِ بَيْتٍ وَمَنْزِلٍ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ فِيهِمَا، ثُمَّ رَأَيْت فِي التَّتَارْخَانِيَّة أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي شِرَاءِ الْبَيْتِ وَلَمَّا كَانَتْ الدَّارُ اسْمًا لِلْعَرْصَةِ فَيُتَوَهَّمُ عَدَمُ دُخُولِ الْبِنَاءِ نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ وَصْفٌ ذَاتِيٌّ فِيهَا فَدَخَلَ ذَلِكَ ضَرُورَةً، وَأَمَّا الْبَيْتُ وَالْمَنْزِلُ فَحَقِيقَتُهُمَا لَا تَكُونُ إلَّا بِالْبِنَاءِ فَلَا احْتِيَاجَ لِذِكْرِهِ وَالنَّصِّ عَلَى دُخُولِهِ