(تَرْكُهَا) أَيْ الْإِقَامَةِ (وَلِلثَّانِي) أَيْ الْمُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ (تَرْكُهُ) أَيْ الْأَذَانِ (أَيْضًا) أَيْ كَالْإِقَامَةِ (بِخِلَافِ الثَّالِثِ) أَيْ الْمُصَلِّي فِي بَيْتِهِ بِمِصْرٍ حَيْثُ لَا يُكْرَهُ لَهُ تَرْكُهُمَا قَالَ فِي الْوِقَايَةِ وَيَأْتِي بِهِمَا الْمُسَافِرُ وَالْمُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ جَمَاعَةً أَوْ فِي بَيْتِهِ بِمِصْرٍ وَكُرِهَ تَرْكُهُمَا لِلْأَوَّلَيْنِ لَا لِلثَّالِثِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ كَرَاهَةُ تَرْكِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْمُسَافِرِ وَالْمُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ جَمَاعَةً. وَأَمَّا تَرْكُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَمْ يُفْهَمْ مِنْهُ وَلِهَذَا غَيَّرْت عِبَارَتَهُ هَاهُنَا إلَى مَا تَرَى.
(وَكُرِهَا) أَيْ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ (لِلنِّسَاءٍ) ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ سُنَنِ الْجَمَاعَةِ الْمُسْتَحَبَّةِ.
(أَقَامَ غَيْرُ مَنْ أَذَّنَ بِغَيْبَتِهِ) أَيْ غَيْبَةِ الْمُؤَذِّنِ (لَمْ يُكْرَهْ، وَإِنْ) أَقَامَ (بِحُضُورِهِ كُرِهَ إنْ لَحِقَهُ بِهَا) أَيْ بِإِقَامَتِهِ وَحْشَةُ السَّامِعِ لِلْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ (يَقُولُ مَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ إلَّا الْحَيْعَلَتَيْنِ) فَإِنَّ مَعْنَاهُمَا أَسْرِعُوا إلَى الصَّلَاةِ وَأَسْرِعُوا إلَى مَا فِيهِ نَجَاتُكُمْ فَيُشْبِهُ إعَادَتُهُ الِاسْتِهْزَاءَ (وَقَوْلُهُ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ) فَإِنَّهُ أَيْضًا كَذَلِكَ بَلْ يَقُولُ فِي الْأَوَّلِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَفِي الثَّانِي صَدَقْتَ وَبَرَرْتَ وَيَقُولُ عِنْدَ قَوْلِهِ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا اللَّهُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. رَجُلٌ فِي الْمَسْجِدِ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَسَمِعَ الْأَذَانَ لَا يَتْرُكُ الْقِرَاءَةَ؛ لِأَنَّهُ إجَابَةٌ بِالْحُضُورِ، وَلَوْ كَانَ فِي مَنْزِلِهِ يَتْرُكُ الْقِرَاءَةَ وَيُجِيبُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
الشَّرْطُ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وُجُودُ الشَّيْءِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ لَمْ يَقُلْ الَّتِي تَتَقَدَّمُهَا؛ لِأَنَّ مَنْ قَالَهُ جَعَلَهُ صِفَةً كَاشِفَةً لَا مُمَيِّزَةً إذْ لَيْسَ مِنْ الشُّرُوطِ مَا لَا يَكُونُ مُقَدَّمًا حَتَّى يَكُونَ احْتِرَازًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيُعِيدُوا الْجَمَاعَةَ وَلَكِنْ يُصَلُّونَ وُحْدَانًا، وَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ عَلَى الطَّرِيقِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُؤَذِّنُوا فِيهِ وَيُقِيمُوا.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الثَّالِثِ. . . إلَخْ) يَعْنِي بِهِ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ فِي تَرْكِهِمَا إذَا وُجِدَا أَيْ الْإِقَامَةُ وَالْأَذَانُ فِي مَسْجِدِ مَحَلَّتِهِ؛ لِأَنَّ مُؤَذِّنَهَا نَائِبٌ عَنْ أَهْلِهَا فِيهِمَا
[الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ لِلنِّسَاءِ]
(قَوْلُهُ يَقُولُ مَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْإِجَابَةُ وَنَاقَشَ دَلِيلَهُ الْكَمَالُ بِأَنَّهُ غَيْرُ صَرِيحٍ فِي إجَابَتِهِ بِاللِّسَانِ اهـ.
وَالْمُرَادُ أَنْ يُجِيبَ الْأَوَّلَ إنْ تَكَرَّرَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ مَسْجِدِهِ وَهَذَا إذَا سَمِعَ الْمَسْنُونَ مِنْهُ وَهُوَ مَا لَا لَحْنَ فِيهِ وَلَا تَلْحِينَ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَرَبِيًّا؛ لِأَنَّهُ لَا يُجْزِئُ الْأَذَانُ بِالْفَارِسِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ فَلَا يُغَيَّرُ، وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ أَذَانٌ فِي الْأَصَحِّ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ.
(قَوْلُهُ وَيَقُولُ عِنْدَ قَوْلِهِ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ. . . إلَخْ) أَقُولُ وَالْإِجَابَةُ لِلْإِقَامَةِ مُسْتَحَبَّةٌ.
(قَوْلُهُ لَا يَتْرُكُ الْقِرَاءَةَ) أَقُولُ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقَةِ لِمَا قَالَ الْكَمَالُ،.
وَفِي الْعُيُونِ قَارِئٌ سَمِعَ النِّدَاءَ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُمْسِكَ وَيَسْمَعَ وَعَنْ الرُّسْتُغْفَنِيُّ يَمْضِي فِي قِرَاءَتِهِ إنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ، وَإِنْ كَانَ فِي بَيْتِهِ فَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ أَذَانَ مَسْجِدِهِ اهـ. لَكِنْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْإِجَابَةَ لَا تَخْتَصُّ بِمُؤَذِّنِ مَسْجِدِهِ.
(تَتِمَّةٌ) : لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الدُّعَاءَ عَقِبَ التَّسْمِيعِ.
وَقَالَ فِي الْبُرْهَانِ ثُمَّ دَعَا بَعْدَ الْفَرَاغِ بِالْوَسِيلَةِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ» اهـ. وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ.
[بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ]
هِيَ جَمْعُ شَرْطٍ عَلَى وَزْنِ فَعْلٍ وَأَصْلُهُ مَصْدَرٌ. وَأَمَّا شَرَائِطُ فَوَاحِدُهَا شَرِيطَةٌ فَمَنْ عَبَّرَ بِالشَّرَائِطِ فَمُخَالِفٌ لِلُّغَةِ وَلِلْقَاعِدَةِ التَّصْرِيفِيَّةِ فَإِنَّ فَعَائِلَ لَمْ يُحْفَظْ جَمْعًا لِفَعْلٍ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ. وَأَمَّا فَرَائِضُ فَصَحِيحٌ لِكَوْنِ مُفْرَدِهِ فَرِيضَةً كَصَحَائِفَ جَمْعِ صَحِيفَةٍ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ مَنْ قَالَهُ جَعَلَهُ صِفَةً كَاشِفَةً) أَرَادَ بِهِ كَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ، وَتَحْقِيقُهُ كَمَا قَالَهُ الْكَمَالُ هَذَا لِبَيَانِ الْوَاقِعِ، وَقِيلَ لِإِخْرَاجِ الشَّرْطِ الْعَقْلِيِّ كَالْحَيَاةِ لِلْأَلَمِ وَالْجَعْلِيِّ كَدُخُولِ الدَّارِ لِلطَّلَاقِ، وَقِيلَ لِإِخْرَاجِ مَا لَا يَتَقَدَّمُهَا كَالْقَعْدَةِ شَرْطُ الْخُرُوجِ وَتَرْتِيبِ مَا لَا يُشْرَعُ مُكَرَّرًا شَرْطُ الْبَقَاءِ عَلَى الصِّحَّةِ، وَعَلَى الثَّانِي أَنَّ الشَّرْطَ عَقْلِيًّا أَوْ غَيْرَهُ مُتَقَدِّمٌ فَلَا يُخْرِجُ قَيْدُ التَّقَدُّمِ الْعَقْلِيَّ وَالْجَعْلِيَّ لِلْقَطْعِ بِتَقَدُّمِ الْحَيَاةِ وَدُخُولِ الدَّارِ عَلَى الْأَلَمِ مَثَلًا وَوُقُوعِ الطَّلَاقِ، وَلَا يُقَالُ بِأَنَّ الْجَعْلِيَّ سَبَبٌ لِوُقُوعِ الْمُعَلَّقِ؛ لِأَنَّا نَمْنَعُهُ بَلْ السَّبَبُ أَنْتِ طَالِقٌ لَكِنَّ عَمَلَهُ إلَى وُجُودِ الشَّرْطِ الْجَعْلِيِّ فَتَعَيَّنَ الْأَوَّلُ، وَلِأَنَّ قَوْلَهُ الَّتِي تَتَقَدَّمُهَا تَقْيِيدٌ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ لَا مُطْلَقِ الشُّرُوطِ وَلَيْسَ لِلصَّلَاةِ شَرْطٌ جَعْلِيٌّ وَيَبْعُدُ الِاحْتِرَازُ عَنْ شَرْطِهَا الْعَقْلِيِّ مِنْ الْحَيَاةِ وَنَحْوِهِ إذْ الْكِتَابُ مَوْضُوعٌ لِبَيَانِ الْعَلَامَاتِ فَلَا يَخْطُرُ غَيْرُهَا.
(قَوْلُهُ إذْ لَيْسَ مِنْ الشُّرُوطِ مَا لَا يَكُونُ مُقَدَّمًا) أَقُولُ تَحْقِيقُهُ كَمَا قَالَ الْكَمَالُ وَشَرْطُ الْخُرُوجِ وَالْبَقَاءِ عَلَى الصِّحَّةِ لَيْسَا شَرْطَيْنِ لِلصَّلَاةِ بَلْ لِأَمْرٍ آخَرَ وَهُوَ الْخُرُوجُ وَالْبَقَاءُ، وَإِنَّمَا يَسُوغُ أَنْ يُقَالَ شَرْطُ الصَّلَاةِ نَوْعٌ مِنْ التَّجَوُّزِ إطْلَاقًا لِاسْمِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ وَعَلَى الْوَصْفِ الْمُجَاوِرِ اهـ. وَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ كَمَالٍ بَاشَا لَا بُدَّ مِنْ هَذَا الْقَيْدِ أَيْ قَيْدِ التَّقَدُّمِ احْتِرَازًا عَنْ الشُّرُوطِ الَّتِي لَا تَتَقَدَّمُهَا بَلْ تُقَارِنُهَا أَوْ تَتَأَخَّرُ عَنْهَا وَهِيَ الَّتِي تُذْكَرُ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ كَالتَّحْرِيمَةِ وَالتَّرْتِيبِ وَالْخُرُوجِ بِصُنْعِهِ، وَالْمُرَادُ شَرْطُ الصِّحَّةِ لَا شَرْطُ الْوُجُودِ وَلِذَلِكَ صَحَّ تَنَوُّعُهُ إلَى النَّوْعَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ اهـ لَا يَخْلُو عَنْ تَأَمُّلٍ